عشقتُكِ يا مكة.. وأعشقك كيف لا وأنت جُرثومة(1) إنشائي وسيدةُ أحشائي وجريرُ جَوارحِي كيف لا وأنتِ أحداقي وقنديلي ودليل اشتياقي أنت امتدادُ ضوئي في مسِيري أنا فيكِ جديدُ عهدٍ بنجاة بُدّلتُ فيه حياةٌ بحياة بكِ غدا أثيرُ فرحي يناوبني برحبٍ منثُور ينشرُ أمانيهِ أمامي كريحِ الصَّبا إذْ تَثور يَسوقه شوقٌ من لذيذِ الألفةِ والحُبور شوقٌ جرَى ويجرِي بسَوقٍ بلا نضوب أنت الملتقى وأنت الهناء.. قولي أنت الموهوب سرتُ فيك وأرى الأرض بثراها وثرائها ووثِيرها في وفاءٍ مع مسقطِ رأسي.. وأنت مسقطُ الرأس يا خيرَ أرضٍ للعباد استجمّ في روضها قصد الفؤاد بنسيم بروح بهَمس بجرم بأشباح كيف لا ومنكِ كلَّ هنيهة أتغذّى بحُقنٍ تصبُّ جديدَها ونتاجَها في مكمنِ الشوقِ من أوداجي فيَتوارى طورُه المُداجي ليخترق أطوارًا من الحُب المُشاع وفي كل آنٍ أرى فيكِ شُخوصًا تُومئ إليّ أن أسرح في رُبى أرجائكِ فيكِ رأيتُ أحلامًا هي نتاجُ ماضٍ وآت كل ما فيكِ يهديني إلى الوصلْ وإن تمادى هجيرُه فهو الوِفاق والظِّل هو الظلُّ يردُفه دفءٌ مبعوث هو مهوى قريبْ وإن تلبّس بالنأي مغتربا وإن تحاشى القربَ وأبا العودةَ والمكوث ليس ثمة مفقودات في ما بين شغافِ قلبَينا كل دم يجري في جسدي هو ملتقى نبضَينَا بِحُبكِ أهوى أرذلَ العُمرِ بحبكِ أرتضي لنفسي شطرًا من الضعفِ وإن أعقبُه الهرم ولن تذهب مشاطرتي لكِ سُدى لا تفي بشيءٍ من العِوض.. أو الهبةِ والعطاء لقد أمَّلتُ فيكِ للندى والمُنى والنَّوال وها أنا ذا أتأهّب لاستئناف السؤال يقيني بسلطانك المقسطِ.. ما يطمئن قلبي على الحياة. وإن حُجبتُ عنكِ فإنما هي حُجبٌ من نمارق المحبة.. لا غير فإعادة يا بلد المعاد.. في بقايا مسراي وحظوة يا ندى زماني ومكاني في مجراي ورشفة يا وابلِ زمزم لإرواء صداي ولثمة يا حجر الياقوت ووصل جميل.. يا مقام الخليل وعرفًا يا شذى عرفات.. ومُنى يا منى الغايات قبولا يا مكة القبلة.. ونصعًا من صفاء نهارك.. لصفحٍ صحائفٍ مسودة وفضلاً من فضائلك أغشى به مآثر النجاة هوايَ أنت.. أن أهوى بفؤادي ثنياكِ وأسهو وأغيب في ثنايا حُبكِ.. أغرق في غياباته ثم لا أنجو. --------- (1) الجرثومة: الأصل والتراب المجتمع حول أصول الشجر.