الرسالة التي أرسلها النظام السوري عشية وصول بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية من خلال التفجيرات التي شهدتها دمشق الجمعة تضمنت معاني ليس من الصعب قراءتها على وجهتها الصحيحة، أولها محاولة إعاقة عمل البعثة، لكن أخطرها تظاهر الحكومة السورية بعدم قدرتها على توفير الحماية لأفراد بعثة الجامعة العربية، وهو ما أعلنه وزير الخارجية السورية وليد المعلم صراحة، الأمر الذي يدعو إلى التخوف من إمكانية المساس بحياة أفراد البعثة، لا سيما بعد أن أشارت أصابع النظام بتوجيه الاتهام مباشرة إلى تنظيم القاعدة في مسؤوليته عن الانفجارات، لأسباب ودوافع لا تخفى على أحد بعضها يتعلق بإيهام النظام السوري دول الغرب بأن انهيار النظام يعني أن سوريا ستتحول إلى عراق ثان، وبعضها الآخر يتعلق بإمكانية استهداف النظام لبعض الرموز العربية والأجنبية في سوريا وإلصاق التهمة بالجماعات الإرهابية. بيد أن تصريحات رئيس بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية بأن تلك التفجيرات لن تعوق عمل البعثة، التي لها تقويمها الخاص حول ما يجري عكس إصرار البعثة على المضي قدمًا في عملها. لاشك أن تصعيد النظام السوري لعمليات القتل والاعتقال ضد المدنيين وممارسة العنف المفرط ضد المحتجين،، كل تلك المظاهر تؤكد على محاولة دمشق الالتفاف على المبادرة العربية، وحيث أصبح من الواضح أنها تريد القول إنها وافقت على بروتوكول الجامعة، لكنها لم توافق على المبادرة العربية، كما أنه لا يمكن الفصل بين المبادرة والبروتوكول، وهو ما أكده سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في المؤتمر الصحفي في ختام عقد القمة الخليجية في الرياض مؤخرًا بالقول إن التوقيع على البروتوكول هو الخطوة الأولى لتنفيذ المبادرة، وإن البروتوكول جزء لا يتجزأ من المبادرة، وهو ما يعني قيام النظام بوقف القتال فورًا وسحب آليات «الدمار» من المدن وإطلاق سراح المحتجزين فورًا، لأن هذه الإجراءات وحدها الكفيلة بإثبات تجاوب النظام مع الإجماع العربي الذي يعني أيضًا الحل العربي، والذي يعتبر ليس فقط الضمانة الوحيدة للحفاظ على أرواح الأبرياء من الأهالي والعرب والأجانب، وإنما أيضًا للحفاظ على أمن واستقلال واستقرار سوريا والنأي بها عن شبح الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية.