الفنانون الغربيون افتتنوا بجمال المراة الشرقية خلال القرن ال 18 و19 عندما اجتاح الشرق موجات من المستشرقين يدرسون عاداتهم وطبائعهم واديانهم ومجتمع الشرق نساء ورجالا فقد سارع فنانو الغرب الى رسم المرأة الشرقية بدقة متناهية من امثال الفنان ريمبرانت ورينوار وديلكلاكروا وهنرى ماتيس حيث بينوا ببلاغة شديدة الفارق الذى يُكسب جو بلاط السلاطين فى الشرق اختلافات عن طابع ملوك اوربا وما أنفقوه من مال لتزيين قصورهم وزخرفتها وما جعلوا فيها من نساء جميلات وفتيات حسناوات، وكتاب «سيرة المرأة فى تاريخ الفنون» يكشف انبهار الغرب بتلك اللوحات بالمراة الشرقية مما أدى بالتبعية إلى إعجاب الجمهور بتلك اللوحات. وجاء الكتاب في ستة فصول، وهي صورة المرأة في الحضارة المصرية القديمة.. والمرأة عند العرب.. وتصوير الفنان الغربي للمرأة الشرقية.. والمرأة في الرواية المصرية، والقصة القصيرة، وأخيرا صورة المرأة في الفن التشكيلي المصري الحديث محمود مختار ومحمود سعيد نموذجان رائدان. والفكرة الأساسية في الكتاب تستحضر التخطيط الكلاسيكي الأرسطي علي الصورة والهيولي -أي الفكر والجسد- وهو ما يتضح في وصف صورة المرأة في تاريخ الفن ككل، وكأن صورة المرأة كالجوهر الكائن والصادر عن اجتماع الصورة والفكر والجسد. استخلص المؤلفان من علم الآثار أنه لم تكن تلك المرأة البدينة المترهلة القصيرة الأطراف والمسماة عذراء الكهوف وفينوس العصر الحجري سوى صدى شديد الدقة لمقتضيات العصر التي فرضت انتخابا محددا لكل وأدق التفاصيل التي يجب أن تكون عليها امرأة ذلك العصر. ومع بزوغ فجر الحضارة المصرية القديمة.. وبداية عصر الأسرات حلت صورة المرأة الرشيقة فاتحة البشرة محل صورة المرأة غليظة السمات ذات الملامح الأقرب للذكورة منها للأنوثة والتي صورت على شاكلتها غالبية صور نساء العصر الحجري الحديث. واحترم الفن المصري القديم المرأة ولم يصورها علي شكل استشهاداته وإنما اعتبرها كيانا له ذاتيته وخصوصيته فلم يبالغ في تضخيم ما يعتبره مثيرا من أعضائها ولم يعرِّها إلا بالقدر الذي عرّي به الرجل.، في المقابل صورت المرأة الغربية العاشقة الجريئة المتحدية على يد الفنان جوبا معبرا عن دفء المشاعر في أعماقها في حين عبر رينولدز عن مشاركة المرأة الارستقراطية للرجل في الحياة الاجتماعية الانجليزية. ونظر الفنان محمود مختار إلى المرأة نظرة مختلفة تماما عن النظرة السائدة للمرأة في عصره فالمرأة مكافحة طموحة صلبة متحدية في تماثيل محمود مختار، نراها وقد أصبحت رمزا للنهضة وحازت بجدارة شرف تمثيل مصر الحديثة. وفي تمثاله «الخماسين» نراها تتصف بالرقة والملاحة وتمتلئ بالأنوثة حتى تفيض بالأمومة ويشع وجهها بالجاذبية كما صورها تمثاله «إيزيس» المنحوت من الرخام. ويضيف الكاتبان أنه بصفة عامة نرى المرأة في أعماله شامخة شاهقة تملأها الثقة وهو ما يتضح في اعماله المنحوتة «مدخل القرية» و«علي شاطئ النيل» و«حاملة المياه» و«فلاحة»، و«العودة من النهر» الثلاثي المنحوت من الحجر، ونشهد جانبا من كفاحها ووقوفها بجانب الرجل في تمثاله «العودة من السوق» و«بائعة الجبن»، «على شاطئ الترعة» الرخامي و«علي ضفاف النيل» الرخامي المنحوت وتمثاله «إلى النهر»، وتتجلى تلك الصورة في الحجري «فلاحة ترفع الماء» المنحوت. أما الفنان محمود سعيد، فنجد أن الرجال والنساء و حتى الحيوانات والمناظر الطبيعية والنباتات تبدو عنده كما لو كانت عالما خاصا به لا يوجد على هذه الأرض ولا في هذه الدنيا التي نعرفها، ولوحات الرسام المبدع محمود سعيد ليست من دم ولحم مثلنا ولكنهم من طينة خاصة ذات ملمس نحاسي وبشرة صلبة لا يمكن اختراقها. الكتاب يكشف ايضا ان المرأة لدى فناني الغرب من المجندين في الحملة الفرنسية سواء في مصر او الجزائر غير راضية بحالها تكتم تمردها الذي يكاد ينفجر كبركان يغلي داخلها وهو ما اتفق فيه كل من هنرى ماتيس والفليسوف يوجين ديلاكروا في لوحة «المحظية» عند هنري ماتيس فهي اتخذت في اللوحة وضعًا غير راضٍ بالتفاف راحتيها حول ركبتها الكاسية وارسلت ساقا الى الارض واخرى فوق الاريكة حيث الكبرياء الجريح كما صور ديلاكرو نساء الجزائر يفترشن الارض في حالة ترقب. ويرى المؤلفان وائل غالي والدكتور محمد تاج الدين انه مع بزوغ فجر الحضارة ظهرت صورة المراة فاتحة البشرة واسعة العينين فقد اعطى الفن لها قيمتها وحضورها بعيدا عن التسلط واظهار المراة الشرقية مغلوبة على امرها ويرصد المؤلف ان صورة المرأة العربية فى الشعر تأرجحت تارة بين ملامح عفيفة تصورها كالزهرة والفراشة وبين ملامح فجة وعفيفة فقيس رفض ان يشبب بليلى والعرب اجلوا المرأة وشاع الحب والنقاء بعيدا عن الشهوة والرغبات الجنسية فقد سئلت امرأة رجل.. من انت؟ فقال انا من قوم اذا احبوا ماتوا فايقنت السائلة انه من قبيلة «عذرى « وعن المرأة فى الرواية يقول الكاتب يوسف السباعى اتخذ الشكل الهرمى فى شخوص روايته «السقا مات» وهى محاكاة لاعمال دافنشي في الهيكل المخروطي في بناء لوحته «الموناليزا» أما الروائى نبيل راغب فقد رصد في المرأة انفراجة الشفتين الخفيفة التي توحي بالشروع في ابتسامة لم تكتمل وتوحي بالاطمئنان كابتسامة الموناليزا. ويرى المؤلفان ان المرأة والجسد ظلا اشكالية كبيرة منذ القدم والكتاب يعد مرجعًا عن المراة الروح والجسد وكيف تناول الابداع باشكاله المرأة الشرقية وكيف نظر اليها المستشرق الغربى المنبهر بتفاصيلها.