لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، وكأنَّ بالصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام (نفسي وولدي له الفداء) أستشعر فداحة المصيبة وعظيم الألم الذي يحل بنفس من يفقد ثمرة قلبه. كيف لا وهو بأبي وأمي كان أحد هؤلاء الذين حلت بهم هذه الفاجعة. ولعل الله جلت قدرته أراد أن يبتليه صلى الله عليه وسلم ليكون في هذا عزاء لمن يتعرض لهذه المصيبة. إن كلامك يا سيدي يا رسول الله حري بأن يلملم قلوبًا حطمتها الكارثة ويهدئ من روع أنفس زلزلتها المصيبة. رحمك الله يا ولدي (كفي يا دموعي حتى أكمل). هل مللت من البقاء في هذه الفانية وفضلت الرحيل إلى دار البقاء؟! رحمك الله يا ثمرة الفؤاد يا نور العين، يا فلذة الكبد يا صنو الروح، يا من ملئت عروقي وأوردتي حنانا وعاطفة حتى انفجرت بحبك. يا من كنت حبيبا وقريبا من كل من اقترب منك وتلمس دواخل روحك الطاهرة، وقلبك الشفاف. (كفي يا دموعي حتى أكمل). إلى جنة الخلد يا ولدي، وكأني أخالك نسمة باردة عبرت سريعا في مساءٍ حار على جناح عصفور عابر، وكأني أراك قطرة ندى جفت سريعًا فوق وردة بيضاء حزينة. اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى، لك الحمد السرمد الذي لا يحصيه العدد ولا يقطعه الأبد. أنت وهبتنيه وأنت أخذته فلك الحمد. أنت منحتنيه وأنت أخذته فلك الحمد. أنت سبحانك متعتني بوجوده أربعة عشر ربيعًا ثم أخذته لحكمة لا يعلمها سواك؟ فلك الحمد. يا رب يا متعال يا غفور، يا رب يا رحيم، إن كان لي من دعوة مستجابة في هذه الدنيا فهي أن تلهمني الصبر وتمنح والدته وإخوانه الصبر والثبات. أنت من أحيانا سبحانك فلك الحمد، وأنت من سيميتنا سبحانك فلك الحمد، وأنت من سيحيينا سبحانك فلك الحمد. (كفى يا دموعي حتى أكمل). اللهم اجعلني به على حوض نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجمعني به في رحاب جناتك، اللهم اجمعني به تحت ظل عرشك. لك يا رب ما أخذت ولك يا رب ما أعطيت وكل شيء عندك بأجل مسمى، والحمد لله على قضائه وقدره. و(إنا لله وإنا إليه راجعون). يمكنك يا دموعي أن تنهمري الآن كما تشائين، ولكن: لا تشتكي للناس جرحًا أنت صاحبه لا يؤلم الجرح إلا من به ألم!!! د. محمد مختار الرفاعي - المدينة المنورة