بالله عليكم: ألَسْنا دولة رَحِمَها الله بالإسلام، وجَعَلَ الرحمةَ من أهمِّ قِيَمِ هذا الدين وتعاليمه، حتى قيل فيه: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء؟. أوليس ديدنُ وُلاة أمرنا هو الرحمة بالمواطنين حتى لو لم يكونوا مثاليين؟. أوليس من الطبيعي أن يتأخّر بعضُ الطُلاّب عن التخرّج حسب الموعد المُحدّد في منهجهم الجامعي، لفترة معقولة، ربّما فصل واحد أو حتى فصليْن، ولظروفٍ قاهرة تطرأ عليهم، وتُقْعِدهم وتُثْنيهم مُكْرَهِين عن اللحاق بركْبِ زملائهم؟. أوليست المكافأة الجامعية التي تمنحها الدولة للطُلاّب هي بالنسبة لكثيرٍ منهم ليست كماليات بل أساسيات، يقتاتون منها، ويعولون بها أفواهاً آخرين، أيتاماً وأرامل، بل إنّ بعضهم ممّن رُفِضُوا في جامعات مدنهم، ودرسوا مُضطرّين في جامعات مدنٍ أخرى، ممّا ينقصها السكن الجامعي، يُسخّرون المكافأة لاستئجار شققٍ متواضعة يعيشون مستورين فيها، ولولا الله ثمّ مكافأتهم لطُرِدوا منها؟. إن كان الجواب لهذه الأسئلة هو: بلى، وهو فعلاً بلى، فلماذا تتشدّد جامعاتنا حيال المكافأة؟ ولماذا تُسارِع إلى حجبها عن المتأخّرين بعد انقضاء مُدّة المنهج؟ ولماذا لا تدرس حالاتهم فُرادى.. فُرادى؟ ولماذا لا تُعِين من يثبت قهْرُ الظروفِ لهم؟ خصوصاً المُحتاجين منهم؟ ولماذا تُساوي المُحتاجين بغير المُحتاجين؟ ولماذا لا تُقِرَّ معيار رحمة تستمرّ من خلاله في صرف المكافأة للمتأخّرين المُحتاجين؟ على الأقل لتُعينهم على سرعة التخرّج لا زيادة تأخّره؟ ولماذا تتعذّر بمحدودية الميزانيات وفيها مصروفات تضيع فيما لا فائدة منها ولا رحمة؟ ولماذا تنأى وزارة التعليم العالي عن التدخّل لنشْر ثقافة الرحمة، لوجه الله.. الرحمن الرحيم؟. (يَخْوَنّا): هناك رحمة منسيّة في المكافأة الجامعيّة، ألم يأن الأوان لتذكّرها؟.