الكاتب بالاهرام العربي محمد عبد الحميد ، اختار عنوانا لأحد مقالاته حول الانتخابات الجارية حاليا في مصر يقول « مليارا جنيه رشاوى إطعام البطون للفوز بالحصانة البرلمانية « أوضح فيه بأنّ بعض المرشحين عجزوا عن جذب الناخبين ببرامج وأفكار تخاطب العقول فلجأوا إلى لغة ملء البطون وتقديم رشاوى عينية تحت مسميات مختلفة . والمتابع للشأن الانتخابي المصري يلاحظ بأنّ بعض الحملات الانتخابية أظهرت خرقاً للقواعد الانتخابية بوسائل شتى لعل من بينها توزيع مواد غذائية كالأرز والزيت والسكر واللحوم إضافة للملابس على الشرائح التي تستهدفها ، وقام البعض الآخر بتقديم المال وخرفان العيد ( الأضاحي ) لمرشحيهم ، وكأنّ تلك الأحزاب تؤمن إلى حد بعيد بأنّ المال وحده هو من يحسم نتيجة الانتخابات . لكن هذه ( الرشاوى ) - إن صح تسميتها - من حيث إجازتها ، هي مثار خلاف مابين « المجلس العسكري « وبين « لجنة الفتوى بالأزهر الشريف « ، ففي الوقت الذي أعلن فيه المجلس العسكري عن توقيع عقوبة على كل من يخالف القواعد الانتخابية التي من بينها تقديم رشاوى للناخبين بالسجن المشدّد لمدة تصل إلى 15 عاما بالإضافة إلى غرامة مالية تصل إلى 200 ألف جنيه ، يرى الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى السابق بمشيخة الأزهر الشريف بأنه لايجوز مقاطعة أعمال الخير المقدمة من المرشحين للفقراء في موسم الانتخابات ولو حامت من حولهم شبهات التودّد لكسب الأصوات . وإن كنت مع ، أو ضد قبول الناخبين لهذه ( الرشاوى - المساعدات ) فإنني أرى أنّ الظروف الإقتصادية ، وواقع الحال ، هي التي أجبرت أولئك على قبول مثل هذه الأساليب التي تتبعها الأحزاب السياسية لتسويق برامجها ومرشحيها ، إذ لابد من فتح شهية الناخبين ، فالطبقات الكادحة لايهمها من الذي يحكم ، بقدر مايهمها من الذي ( يؤكلها لتعيش) ، و منح الصوت مقابل اللحوم والسكر والزيت والملابس تُعد صفقة من أنجح الصفقات التي ينالها أولئك ، ولا تكلفهم سوى قولهم ( نعم ) ، وعلى كل حال ، ورغم كل مايتردد ويقال عن انتخابات مصر ، فإنها قد نجحت بكل المقاييس في أول تجربة إنتخابات برلمانية لها عقب نظام كان يضلل الرأي العام طوال سنوات حكمه التي قاربت الأربعين عاما على حصوله على نسبة 97٪ من التصويت مكتسحاً كل الأحزاب المنافسة. في تونس وعد أحدالمرشحين ناخبيه في حالة وصوله إلى المجلس التأسيسي بتقديم هبة لكل من يرغب في الزواج تقدّر ب(5000) دينار وتمكين كل أسرة من الحصول على قطعة أرض تقيم فيها منزلاً وبستانا ، أمّا في تركيا فقد وعد الملياردير « حيدر أوزال « رئيس حزب الشباب ناخبيه بمنح كل امرأة (333 ) دولارا شهرياً مقابل جلوسها في المنزل وتربية أطفالها ، وكذلك تخفيض سعر الوقود ، ولا شك بأن مثل هذه التصرفات تثير جدلاً كبيراً حول مصادر أموال تلك الأحزاب ،لاسيما الأحزاب الوليدة ، أو تلك التي كانت محظورة. الوعود الانتخابية سلوك عالمي يمارسه كل متسابق نحو البرلمان أو الرئاسة ، لكن الوعود تتفاوت ، والبعض يمنح صوته إلى من يعد بالإصلاح والتنمية وتحسين المستوى المعيشي ،أماّ البعض الآخر فيُفضل « عصفورا في اليد على عشرة طائرة « ، بينما يحرص المرشحون على تطبيق المثل الدارج الذي يقول : « اللي تِغْلِبُّه إِلْعَبُّه « .