يخطئ كل من يبرر موقف المقاومة اللبنانية المنحاز للنظام السوري ، من منطلق انصر أخاك ظالماً او مظلوماً . معركة المقاومة اللبنانية ضد العدو الإسرائيلي لا تبرر انحياز المقاومة لنظام قمعي ووحشي على حساب شعب يطالب بحريته . نعم هناك من يريد الاستفادة من الثورة السورية لخلق حاجز نفسي هائل يفصل بين السوريين وكل من يتعاطف معهم من ناحية ، وبين القضية الفلسطينية من ناحية أخرى . وليس سرا أن الغرب يعمل على خلق هذا الحاجز منذ زمن طويل جدا . لكن هذا أدعى أن تتخذ المقاومة اللبنانية موقفا ينسجم مع تاريخها النضالي الطويل ، ويتسق مع الشعارات التي ترفعها والمبادئ التي تدافع عنها . هذا في رأيي هو الأسلوب الوحيد لقطع الطريق على الغرب الذي يقوم بمحاولة جدية وتبدو ناجحة إلى حد ما ، لخلق منطقة نفسية عازلة بين السوريين وبين كثير من المتعاطفين معهم ، وبين القضية الفلسطينية . البعض يستخدم أسلوب الإحالة التاريخية لتبرير موقف المقاومة اللبنانية من النظام القمعي في دمشق ، حيث يذكرنا هؤلاء بانحياز جميع حركات المقاومة والتحرر الوطني منذ منتصف الأربعينات وحتى نهاية الثمانينات ، إلى نظام الاتحاد السوفييتي القمعي حتى وهو يمارس التدخل المسلح لقمع الانتفاضات في أوروبا الشرقية وصولا إلى أفغانستان . وهذا صحيح من حيث المبدأ لكنه لا ينطبق على الحالة السورية في جميع تفاصيلها . مشكلة المقاومة اللبنانية أنها لم تكتف بإعلان موقف رسمي مؤيد للنظام السوري على غرار ما فعلته حركة حماس ، بل إن المقاومة اللبنانية تجاوزت ذلك إلى حد تسخير ماكينتها الإعلامية المؤثرة ( ربما لم تتمكن حماس من مجاراة المقاومة اللبنانية في ذلك لأنها لا تمتلك في الأصل ماكينة إعلامية مؤثرة ) للدفاع عن النظام السوري وتلميع صورته من ناحية ، ولشن الحملات الشعواء على الثوار والتي لا تخلو من ترويج للأكاذيب والافتراءات ، من ناحية أخرى . وهنا يكمن خطأ المقاومة اللبنانية الاستراتيجي ، فضلا عن مأزقها الأخلاقي الذي تواجهه الآن . المقاومة اللبنانية لم تكن مضطرة كي تكون الذراع الإعلامي لنظام يمارس أبشع أنواع الانتهاكات بحق شعبه . والمقاومة اللبنانية لم تكن مضطرة لاستخدام تاريخها النضالي في مقاومة العدو الصهيوني ، كغطاء أخلاقي لعمليات الانتهاكات والقتل الممنهج التي يقوم بها النظام السوري . هناك معطيات سياسية يستحيل تجاهلها ، لكن ليس هناك ما يبرر كل هذا الانحياز الذي تخطّى جميع المعايير الأخلاقية .