تطورت برامج الإذاعة السعودية بشكل كبير، وأصبحت محتويات برامجها هادفة ومتنوعة وترضي أذواق الكثير من المستمعين، خاصة أثناء استخدام الإنسان لسيارته وتنقلاته من مكان إلى آخر. ولعل من أهم هذه البرامج وأكثرها جذبا للمستمع هو برنامج «لست وحدك» الذي يُقدّمه المذيع المتألّق الأستاذ سعود الجهني ويُعلّق على مداخلاته الدكتور عبدالله الجفن أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة أم القرى، ويُقدّم هذا البرنامج كل يوم سبت من الساعة العاشرة وخمس دقائق مساءً من إذاعة البرنامج الثاني، ويعاد يوم الثلاثاء الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق ليلا. ويقدم هذا البرنامج خدمة مجتمعية عظيمة جداً، حيث يتناول ويناقش قضايا الفقراء، والبسطاء، والأرامل، والأيتام، والمطلقات، والمعنّفات، وأصحاب الحقوق المتباينة، من المساجين، والمحتاجين لمد يد المساعدة والعون لانتشالهم من الفقر والعوز ومن ظلم العباد للعباد. الذي ينصت للبرنامج يستمع إلى مآسٍ كثيرة تجتاح هؤلاء المحتاجين والواقعين تحت القهر المادي والمعنوي خاصة من قبل الأزواج، أو الآباء، أو الأهل والأقارب، ومن القصور الواضح من بعض الجهات التي أنيطت بها مهمة كفل هؤلاء، وتأمين حياة كريمة لهم، فقد تعددت المشكلات، وكثرة الآهات، وانحدرت الدموع، وتحشرجت الأصوات للشاكين من هذا القهر الذي أصابهم وقد يكون من أقرب الناس إليهم، وأشدهم التصاقاً بهم، الأمر الذي أثّر كثيرا في مذيع البرنامج حتى يجهش بالبكاء أحيانا تفاعلاً مع أصحاب المشكلة، ثم تأتي مداخلات الدكتور عبدالله الجفن الذي ينصت جيداً لكل مشكلة، ثم ينطلق مُعقّبا، ومُعلّقا، ومُناشدا، ومطالباً بصوته الجهوري الجهات ذات الاختصاص في رفع هذا الظلم البيّن الذي لا مُبرِّر له، وإعطَاء النّاس حقوقها، من كفالة للأيتام، ورعاية خاصة للنساء، وعناية بالمحتاجين للرعاية الطبية والاجتماعية.. ثم يناشد فضيلته كل الموسرين والقادرين على العطاء، ومن لديهم فائض ولو قليل من المال، أن يكفوا هؤلاء المحتاجين ذل السؤال، وأن يمدوا يد العون والمساعدة لهم، لإدخال السرور عليهم حتى يذوقوا طعم الحياة. نعم يا إخواني نحن المقصرون حقاً في جنب الله، فوالله والله لو أنفقنا ما تقدمه الدولة من دعم مالي لذوي الاحتياجات، وأدينا زكاة أموالنا وتصدقنا بشكل سليم فإنه لا يبقى لدينا محتاج واحد، ولو قامت الوزارات المعنية بالأمر؛ بحل جميع قضايا وإشكالات الناس، وعملت كل ما في وسعها لإرضاء الله، وما يريده ولاة الأمر، فلن يبقى لدينا من يشكو ويجأر إلى الله لإيصال الحقوق لأصحابها، ولو قامت الجمعيات الخيرية التي تساعد ذوي الفاقة مشكورة، بدورها كاملاً لحُلت كثير من الإشكاليات التي تواجه هذه الفئة المحتاجة للمساعدة والرعاية والتخفيف من قسوة الحياة. إن الله طيب ولا يقبل إلا الطيب، والفقر سنة كونية، وموجود في كل مكان وزمان، والزكاة ركن أساس في الإسلام، والبذل والعطاء أمر محمود في شريعتنا الغراء، وقد مدح الله سبحانه وتعالى: عباده المزكّين والمنفقين في آيات كثيرة من الكتاب العزيز، وذم فيها البخل والبخلاء والمقتّرين حيث يقول عزّ وجلّ: «خذْ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» (التوبة 103)، كما بيّن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- فضل الإحسان للآخرين، وعظم أجر المنفقين في أحاديث كثيرة ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ما نقص مال من صدقة». وقوله: «داووا مرضاكم بالصدقة». هذه دعوة مباركة للمحبين لله ورسوله، والراغبين الطامعين في جنّات النعيم، في أن يدعموا هذا البرنامج «ماديا» كل حسب استطاعته، كما نأمل من مقدم البرنامج الأستاذ سعود الجهني وضيفه الكريم الدكتور عبدالله الجفن (جزاهما الله عنّا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء)، في أن يقترحوا آلية لتسهيل استقبال التبرعات من الذين يودون التبرع والمساهمة، وأن توجه هذه التبرعات لذوي الاحتياجات كل حسب مسألته، وأن يكون هناك تنسيق مع الجهات ذات العلاقة في عملية استقبال الأموال وطرق توزيعها بعيداً عن البيروقراطية والتعقيدات التي يواجهها بعض المحتاجين من قبل بعض الجهات المانحة للدعم المالي، وإيصال الدعم المادي في أسرع وقت (كما هو معمول به في البرنامج الآن)، لأن معظم الحالات لا تتحمل التأخير، وأن تتحقق الجهات المعنية من مصداقية صاحب الشكوى (حتى لا تستغل هذه الأعمال)، رغم أننا نشعر من أن معظم الحالات صادقة فيما تقول. أذكّر نفسي وإخواني القراء جميعا بقول الله عزّ وجل «وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون» (المنافقون 10). بارك الله في جهود جميع العاملين في برنامج «لست وحدك» وأجزل لهم الثواب على ما يُقدِّمون من أعمال خيرة، نسأل الله دوامها.