في استطلاع لمجلة «الدَّعوة» سألني محررها الزَّميل منصور خريش حول كينونة «الصَّفحات الإسلاميِّة» شاركني فيه نُخبة من المهتمّين بهذه الصَّفحات والمشرفين عليها، وخلصت في مداخلتي إلى القول: «إنَّ الصَّفحات الإسلاميِّة - مع تحفّظي على هذه التَّسمية- غائبة أشدّ الغياب عن كلِّ حراك إسلامي يحمل هموم الأمَّة، ويزداد ذلك الغياب في كلِّ ما يعتور السَّاحة المحليّة من قضايا ذات إشكاليّة تخدم العمل الدَّعوي أو التَّعدّد المذهبيّ، فكلّ الذي تقوم عليه تلك الصَّفحات هو في الجملة مجموعة من الأخبار البائتة، أو التَّصريحات الملمعة، حيث لا تخرج سطورها في المجمل عمَّا يمليها أحد مسؤولي العلاقات العامَّة كأحد وسائط والوجاهة الإعلامية». وانطلاقًا من تلك الأسطر أستطيع القول إنَّ علينا إعادة صياغة، وبناء تلك الصَّفحات الإسلاميِّة، بما يتماهى والمرحلة وما يستجدّ فيها من إشكالات، وما يطرحه الواقع من قضايا إذا أردنا بها التَّعاطي الجيّد مع كلِّ مستجد مطروحة وذلك بطريقة أكثر عصْرنة وأكثر حضورًا، وأكثر جدلًا وحيويّة. إنَّ المشكل فيما أعتقد يكمن في القائمين على تلك الصَّفحات؛ لأنَّ أغلبها إنْ لم تكن كلّها قائمة على علاقات عامَّة، لا روح فيها ولا مضمون سوى عبارات الشّكر وتصدير المنجز والتَّباهي به. هات لي صفحة إسلاميِّة في صحيفة يوميّة اعتلت منبر النَّقد لأيِّ جهة ذات صبغة شرعيِّة، أو على الأقل قامت بطرح تساؤلات حيِّة في قضايا عصريِّة تَدْفع بالمسؤول إلى دفة الصَّراحة والوضوح بعيدًا عن تزييف بعض الحقائق وتلميع الشُّخوص!! لقد وقَعَ محررو تلك الصَّفحات في فخ الكسل، وممرات الخمول، والاتّكاء بما تجود به مكاتب العلاقات العامَّة في هذه الجهة أو تلك، وقد ازداد ذلك الكسل والخمول والاتكاء بفضل تلك السِّيول الجارفة من تلك الجهات وهي تدفع دفعًا بكمٍّ هائلٍ من رسائلها إلى تلك الصَّفحات في كلِّ يوم وليلة. إنَّني كثيرًا ما أنادي بأنْ تكون «الأخبار» الإسلامية وما لفَّ لفَّها ضمن دائرة الصفحات المحليِّة؛ لأنَّها في الأصل قائمة على خبر، وليست قائمة على قضيِّة فكريِّة أو فقهيِّة تطرح مشكلًا فقهيًّا أو جدلًا فكريًّا؛ كي تبحث عن حلول من أفواه الفقهاء، وألسنة العلماء، ورجالات الفكر. ولعلّي لا أجد حرجًا من المطالبة بإلغاء تلك الصَّفحات الإسلاميِّة من صفحاتنا جملة وتفصيلًا؛ لأنَّ من الخطأ الكبير الذي بُلينا به في صحافتنا المحليِّة منذ سنوات قيام ذلك التَّبويب التَّليد أو التَّصنيف العتيق الذي توارثه الخلف عن السَّلف حتَّى استعصى واستفحل في مرحلة من المراحل، وانسحب هذا الطَّيش حتى بات تصنيفاً ينال الأفراد كما ينال المؤسسات. مع هذا فلا تثريب من فتح صفحات أو «ملاحق»، إلى حيث يقف دورها عند حدود التَّعاطي مع القضايا الفقهيِّة والفكريِّة والشرعيِّة؛ كي تثمر لنا في نهاية المطاف حراكًا يستحق المتابعة والتعاطي، ويحلّ لنا بعضًا من قضايانا المعلقة!!