لا أتصور أن أحدا منا كان يتوقع أن تنتهي تحقيقات حريق مدرسة ( براعم جدة ) بمسؤولية خمس طالبات في سن المراهقة عن الحادث ، فأغلب الاحتمالات كانت تتهم الكهرباء ، إلى أن ظهرت صور البدروم و الموقد و القهوة ، و بقيت المفاجأة تحتفظ بإدهاشها لآخر لحظة ، حين أعلن عن تصديق اعترافات الفتيات شرعا ، و رغم تصريح قيادة الدفاع المدني بجدة و صاحبة المدارس بتميز مستوى المدرسة في تصنيف الأمن و السلامة ، إلا أن دور المدرسة في تفعيل و تسهيل الوصول لهذه الأدوات حين الحاجة لها كان هو الأهم ، أيا كان سبب الحريق ، فما فائدة وجود طفايات حريق لا يمكن استخدامها حين تندلع النيران ، و ما فائدة سلالم الطوارئ إن لم يمكن فتحها بسهولة و النزول عبرها للشارع ، و السؤال الذي يرسمه الدخان السام في جدران المدرسة و خراطيم الدفاع المدني كيف تحصل منشأة على تقدير ممتاز في الأمن و السلامة و على أرض الواقع في اختبار قياس كفاءتها و مصداقية التقرير لا تحصل إلا على صفر مربع ! هل التصنيف بحسب توفر هذه الاشتراطات أم يتضمن إمكانية استخدامها بكفاءة و سرعة ؟! هذا من جانب الأمن و السلامة أما من جانب المهام التربوية و ممارسة العمل الإشرافي الوقائي و دقة المتابعة و توزيع المناوبة على مرافق المدرسة و كفايتها و متابعة تنفيذها إن كان كل هذا يمارس في المدرسة فالسؤال : كيف تسللت خمس مراهقات لبدروم المدرسة في نهاية الدوام و الكل – فيما يبدو – مشغول بالاستعداد للخروج و قمن بتجربة افتعال حريق دون أن يراهن أحد و دون أن يفقدهن أحد ، فلا معلمة افتقدت طالباتها و لا إدارية تابعت التسرب من الفصول و لا عاملة بلّغت عن خمس طالبات نزلن للبدروم ، و يبدو أن البدروم كان خاليا أيضا فكان من السهل أن يناقشن المغامرة و يقررن التجربة و يحصلن على الثقاب و يجمعن الصحف و يشعلنها دون أن يشعر أحد حتى وقعت الكارثة ، التي لا يعلم كيف كانت ستكون لو أن طالبات رياض الأطفال و التمهيدي و الصفوف الدنيا كن موجودات في المدرسة ، فمن لطف الله أن إدارة المدرسة صرفتهن لمنازلهن قبل الحصة الأخيرة بداعي الأحوال الجوية و بوادر الغيم و احتمال هطول أمطار ، و لو لم يكن الجو غائما لحصلت كارثة لا يعلم مداها إلا الله . حين نتساءل عن الوضع في مدرسة براعم الوطن و نناقش تفاصيل كارثتها فمن باب أنها نموذج وضعته الأحداث على طاولة النقاش ومؤكد أنه مع عظم الحدث المؤسف إلا أن واقع الكثير من المدارس أسوأ بكثير ، سواء في جانب الأمن و السلامة أو في جانب الضبط الإداري و مراقبة مرافق المدرسة على مدار الساعة قبل أن يفوت الفوت ، و لذا فالأجدى بالدفاع المدني أن يبادر بالتنسيق مع وزارة التربية و التعليم لتعديل ضوابط و شروط الأمن و السلامة في المنشآت المدرسية و يضيف إليها بنود التفعيل و الكفاءة في التطبيق مشترطا إجراء تجربة افتراضية يشرف عليها و يقيمها في كل منشأة أهلية و حكومية .