لم أصدق التحقيق الذي شاهدته على برنامج (عيشوا معنا) الذي كان يناقش الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين في الثالث عشر من ربيع الآخر 1432ه باستحداث 500 وظيفة في وزارة التجارة والصناعة لمراقبة أسعار السلع في الأسواق بمسمى مراقب تجاري، لفرض رقابة تحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية في الأسواق. فرغم أننا ندخل الآن سنة هجرية، ومالية جديدة، إلا أن القرار الملكي لم يتم تنفيذه بعد رغم أهمية قضية مراقبة الأسواق وشكوى وزارة التجارة المتكرر من عدم وجود كوادر للقيام بهذه المهمة. العجيب في الأمر هو أنه رغم أن التوجيه الملكي حث وزارة التجارة والصناعة الى»المسارعة بكل قوة وحزم لإيقاع الجزاء الرادع على المتلاعبين بالأسعار والتشهير بهم دون تردد كائنا من كان المخالف، ولن نسمح بأي تراخٍ أو تساهل في هذا الشأن المهم، فمصلحة المواطن فوق كل اعتبار»، كما أكد أنه «على وزير التجارة والصناعة الرفع لنا بتقرير شهري في هذا الأمر»، إلا ان لجنة شكلت من ثلاث وزارات هي التجارة والصناعة والمالية والخدمة المدنية لاتزال تراوح مكانها ولم تنتهِ من إنهاء الاجراءات الخاصة بتوظيف هؤلاء المراقبين او حتى تدريبهم او الاعلان عن هذه الوظائف؟! لقد حددت الأوامر التي صدرت منذ أكثر من ثمانية شهور، كما قرأت، مدة ثلاثين يوماً أمام وزارات المالية والخدمة المدنية والتجارة والصناعة لتوفير 500 وظيفة مراقب للأسواق في جميع مناطق المملكة والعجيب أن الجهات المعنية والمكلفة بمتابعة القضية يتنصل كل منها من المسؤولية عن التأخير في استحداث هذه الوظائف، وكل وزارة تلقي المسؤولية على الجهة الأخرى، وانتهت مسألة استحداث الوظائف التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين إلى أن تكون كرة تتقاذفها الأطراف المعنية، أو قرص عيش حار يخشى كل طرف أن يلمسه؟! كل ما يحتاجه الموضوع هو اجتماع المسئولين عن الجهات الثلاث وتحديد آلية تنفيذ وضع الأمر الملكي موضع التنفيذ. حيث تستحدث وزارة الخدمة الوظائف، وتعتمد وزارة المالية المخصصات المالية المطلوبة لها، ثم تقوم وزارة التجارة بالإعلان عنها وتوظيف الكفاءات اللازمة لشغلها .. ومن ثم إنزالهم إلى الأسواق لممارسة مهامهم. والقول بأن هناك لجنة شكلت لهذا الغرض لاتزال تدرس توفير العدد المطلوب، هو استرخاء، حتى لا أقول تراخٍ غير مقبول حيث كان يمكن للوزارات المعنية الاجتماع بحضور خبراء من جهاتها لتحديد متطلبات وضع التوجيه الملكي موضع التنفيذ في الموعد المحدد. وهو ما يحمل الوزارات الثلاث المسؤولية بالمشاركة. التتمة ص(17) وهكذا وفي الوقت الذي يعاني الشباب السعودي من البطالة يجري التراخي، حتى لا نقول التسويف، في فرصة مفتوحة لتوظيف 500 شاب، وفي نفس الوقت القيام بضبط الأسواق على الوجه الذي قضى به الأمر الملكي الذي كان واضحا في توجيهه «بالمسارعة بكل قوة وحزم لإيقاع الجزاء الرادع على المتلاعبين بالأسعار والتشهير بهم دون تردد كائنا من كان المخالف». إننا لا نشكك في مصداقية وزارة التجارة أو نقول بانحيازها على حساب المستهلكين، ونصدق نفي مصدر مسؤول في الوزارة التهم التي توجه للوزارة في هذا الصدد. لكن مع تزايد الأسعار بشكل مبالغ فيه، والتراخي في إيجاد الآلية المناسبة لمراقبة وضبط الأسعار بتوظيف الكفاءات المطلوبة، كما قضى الأمر الملكي الكريم، فإننا وأمام تصريحات مسؤولي الوزارة بحرصها على مراقبة الأسعار ومطالبة التجار بالمبررات التي دفعتهم إلى رفعها، تداعى إلى ذهني على الفور بيت الشاعر العربي جرير الذي يقول: زَعَمَ الفَرَزدَقُ أَن سَيَقتُلُ مَربَعاً أَبشِر بِطولِ سَلامَةٍ يا مَربَعُ