تؤكد مصادر أمريكية أن البيت الأبيض استطاع أن يقنع البوسنة والهرسك بالتصويت في مجلس الأمن الدولي ضد طلب الفلسطينيين بالعضوية في الأممالمتحدة الذي تقدم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سبتمبر من اعتراف بدولة فلسطين على حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967م. جاء هذا الإقناع الأمريكي للبوسنة والهرسك بوعود شديدة ومؤكدة بأن تقدم واشنطون العون المادي الكبير لها، وبضغوط أمريكية قوية بالتصويت ضد الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي أو على الأقل الامتناع عن التصويت، ولقد نجحت تلك الضغوط الأمريكية وترتب على ذلك أن البوسنة والهرسك التي تشغل مقعدًا في مجلس الأمن الدولي بدورته الحالية امتنعت عن التصويت بشأن الطلب الفلسطيني الأمر الذي فشله دون اضطرار واشنطون لاستخدام حق النقض «الفيتو» لإسقاط الطلب الفلسطيني الذي كان يحتاج إلى تسعة أصوات من أصل خمسة عشر صوتًا حتى يمر في مجلس الأمن الدولي لتجبر واشنطون على استخدام حق الفيتو. لا شك أن واشنطون أرادت بهذا الضغط على جمهورية البوسنة والهرسك عدم اللجوء إلى استخدام الفيتو لأنه يدل دلالة أكيدة على الفساد السياسي في مجلس الأمن فعملت على عدم حصول الطلب الفلسطيني على الأغلبية الموصوفة بتسعة أصوات ويصف بعض فقهاء القانون الدولي العام أن عدم الوصول إلى نصاب الأصوات بتسعة أصوات يعني « الفيتو الجماعي». صرح نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن جمهورية البوسنة والهرسك قررت عدم الاعتراف بفلسطين عضوًا كاملًا بالأممالمتحدة، وهي بذلك تنضم إلى جانب كولومبيا الأمر الذي يعني فشل الفلسطينيين في توفير تسعة أصوات لصالحهم، وأفاد نمر حماد بأن هناك ثماني دول فقط وافقت على التصويت لصالح الطلب الفلسطيني في حين أنه يحتاج إلى تسعة أصوات من إجمالي أصوات مجلس الأمن الدولي الذي يبلغ عدد الأعضاء فيه خمسة عشر عضوًا وهذا يعني أن يؤجل مجلس الأمن الدولي قراره بشأن طلب فلسطين العضوية كاملة في مجلس الأمن إلى موعد لاحق. هذه الصورة الناتجة عن التصويت في مجلس الأمن الدولي تثبت بالدليل القاطع أن الخمسة دول الكبار ذات المقاعد الدائمة والتي تمتلك حق الاعتراض الفيتو في مجلس الأمن الولاياتالمتحدةالأمريكية، المملكة المتحدة البريطانية، فرنسا، وروسيا، الصين لم يصوت أي منها إلى جانب الطلب الفلسطيني بالعضوية الكاملة حتى مجلس الأمن بدليل أن الذين صوتوا إلى جانب الطلب الفلسطيني ثماني دول، والذين صوتوا ضده أو امتنعوا عن التصويت سبع دول الخمس الكبار بالإضافة إلى كولومبيا والبوسنة والهرسك، وهذه الحقيقة تثبت أن الدول الخمسة الكبرى تآمرت على حق الدولة الفلسطينية في إقامة دولتها عند حدود عام 1967م وحصولها على العضوية الكاملة للأمم المتحدة، وهي مؤامرة قادتها واشنطون واستقطبت فيها الدول الأربعة الكبرى إلى جانبها، ولم يأت ذلك من فراغ وإنما جاء دعما لإسرائيل التي تنكر نكرانًا تامًا حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم عند حدود عام 1967م، والسبب في هذا التعاطف الأمريكي الإسرائيلي دور الدهلزه الصهيونية في داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وضغوطها على أصحاب القرار السياسي حتى تأتي قراراتهم دائما أبدا لصالح إسرائيل إلى الدرجة التي جعلت الخوف الأمريكي من إسرائيل أن يفضل مصالح تل أبيب على مصالح واشنطون وهو وضع غير طبيعي في العلاقات الدولية خصوصا وأن إسرائيل تلجأ دائما إلى تزوير الحقائق والتلاعب بكل المصالح الأمريكية في سبيل تحقيق بعض من مصالحها الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط خصوصا وان التوجه العام الاستراتيجي لإسرائيل أن تكون دولة كبرى في إقليم الشرق الأوسط لتفرض إرادتها عليه خصوصا في ظل القصور الذي وضعه الصهيوني الدكتور هنري كسينجر الذي يطالب بتقزيم دول هذا الإقليم كما أعلن منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، أن هذه المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية لا تزال مستمرة حتى الآن بدليل أن تصرف واشنطون دائما أبدا يقف إلى جانب إسرائيل التي تتلاعب بكل مصالح الإقليم وتتصرف وفقا لهواها إلى الدرجة التي مضت فيها العقود الطويلة وظلت كل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مكانك سر دون أن تتقدم خطوة إلى الإمام ودون أن تحقق على ارض الواقع أي إنجاز يؤدي إلى قيام الدولتين. الدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعد في خطابيه باسنطبول في تركيا وبجامعة القاهرة في مصر أن عام 2011م عامنا الحالي الذي لم يبقَ من أيامه إلا شهرًا وبضعة أيام تقوم الدولتان الفلسطينية والإسرائيلية، ولكننا نجده يتخلى على وعده وظلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تدور في حلقة مفرغة تنتهي من حيث بدأت وذلك لأن التسويف والكذب الذي يلجأ إليه رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتينياهو في كل تصرفاته وأمريكا صاحبة الوعود البراقة تؤيده في تسويفه وكذبه وكان أبرز معالم ذلك موقفها ضد الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي وتحريض الدول الأربعة الكبرى على نكران هذا الحق بجانب تحريض كولومبيا وجمهورية البوسنة والهرسك بالتصويت ضد فلسطين.