التوجه لافتتاح أقسام الإعلام في الجامعات السعودية ، كان توجها عشوائياً في البدء من أمره والآن أصبح أكثر احترافاً بافتتاح مسارات دقيقة للغاية في مختلف التخصصات الإعلامية بالنسبة للبنين . المأزق الحقيقي هو عندما ارتفع سقف الحرية في التخصصات الدراسية –بالسنوات الأخيرة – في شطر الطالبات بالجامعات السعودية ، وتم افتتاح مجموعة من الأقسام التي كانت متواجدة أساساً لدى الطلاب كقسم الإعلام والقانون ، فقامت جامعة الملك سعود بافتتاح ماجستير الإعلام للطالبات ، في حين افتتحت جامعة الملك عبد العزيز مسار صحافة، وأم القرى وضعت مساري العلاقات العامة والصحافة أيضاً -بالتوازي في الزمن - لقسم الإعلام للطالبات ، وهو الأمر الذي تواكبه الآن جامعة جيزان وجامعة طيبة وكذلك عدد من الجامعات الأخرى ، بمعنى أننا سنواجه أضعافاً مضاعفةً من خريجي وخريجات الإعلام بالسنوات القليلة المقبلة . المشكلة الحقيقية الآن هي ليست بالمخرجات التعليمية أو عدم توافق سوق العمل مع شهادة الإعلام ، لأن السوق الوظيفية في الإعلام زاخرة بالوظائف ، لكن المشكلة هي في التوافق بين شهادة بكالوريوس الإعلام-بمختلف مساراته – والوظائف المتاحة حالياً ، بمعنى آخر فإنه على سبيل المثال خريجو وخريجات الصحافة يحملون شهادة بكالوريوس في الصحافة ، بحيث يدرسون مناهج البحث في الصحافة مع النظريات الأكاديمية ، الأمر الذي لا يتوافق أبداً مع وظيفة «صحفي» حقيقة الأمر أن وظيفة «صحفي ميداني» تليق فعلياً بحملة الدبلوم أو الدورات التأهيلية للصحافة لا أكثر ، في حين يليق بخريجي وخريجات الصحافة وظيفة «باحث صحفي» والذي ينعكف عمله على تطوير الصحيفة بالبحوث والعمل النظري أكثر من العمل الميداني .وبالمثل لدى خريجي التلفزيون الذين غالباً يتم توظيفهم كمذيعين ومقدمي برامج ، وهو الذي لا يليق –مالياً ومستوى وظيفيا- بشهادة بكالوريوس الإعلام تخصص تلفزيون . الأمر يتفاقم ويكبر مع شهادة الماجستير لأن مستوى المواد التعليمية هنا ارتفع ، ومن المريع للغاية أن نجد حامل ماجستير يعمل كصحفي ميداني بالقطعة في صحيفةٍ أو مجلةٍ ما ، وهو الذي يحصل مع بعض طالبات الماجستير بجامعة الملك سعود . هنالك مشكلتان أساسيتان تواجهان خريجي الإعلام : الأولى عدم تناسب الوظائف المتاحة مع شهاداتهم ، والثانية توفر وظائف حكومية في وزارة الخدمة المدنية ، فمع أن بعض الوزارات تمتلك قطاع علاقات عامة وقطاع إشراف تربوي كما في وزارة التربية والتعليم ، إلا أنه لا يتم طرح وظائف بشكلٍ معلنٍ ودوري في الصحف ، خصوصاً بالنسبة للفتيات . من الضروري أن يتم وضع حلول جادة ، وخطط واضحة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من خريجي وخريجات الإعلام والتي تتزايد سنوياً بسبب التوجه الجديد في افتتاح اقسام إعلام للفتيات في الجامعات السعودية ، وأن تكون تلك الحلول في دائرة بين ثلاثة : وزارة الإعلام ، وزارة الخدمة المدنية ، والمؤسسات الإعلامية على اختلافها .