«هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    بوريل: الاتحاد الأوروبي ملزم باعتقال نتنياهو وغالانت    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    المعرض المروري يستعرض أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "تعليم الرياض" يحتفي باليوم العالمي للطفل    تقنية جازان تختتم برنامج الحرفيين بتدرب اكثر من 100 متدرب ومتدربة    فيصل بن بندر يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    القِبلة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    مشكلات المنتخب    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشاد حسين: البعثات ووكالات السياحة سيطرت على سوق الإسكان والخدمات في الحج

عوالم مختلفة تدخل إليها من خلال فكر ورؤى هذا الرجل لتعدد المجالات التي طرقها ولخبرته التراكمية في كل مجال. حديثه في عمله يحفل بالتخطيط وحديثه عن المسارات الأخرى يقرأها بعقلانية، وعندما تبدأ حوارك معه تستثيرك الأسئلة في مختلف الاتجاهات بحكم موقعه وفكره، لهذا يتسم الحوار مع المطوف د. مهندس رشاد محمد هاشم حسين نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب آسيا بتعددية متنوعة عن الحج وخدماته.
تحدث عن الاستثمار ضمن بدائل تحافظ على مستوى الخدمات التي تقدمها مؤسسات الطوافة لضيوف الرحمن لزيادة مواردها البشرية في ظل ثبات نسبة أجور الخدمات الذي يدفعها الحاج لهذه المؤسسات، منذ أكثر من ربع قرن رغم الكثير من المتغيرات الاقتصادية التي طرأت على مستوى العالم. وجَسَّدَ الرؤية الاستراتيجية لتحويل المكاتب الميدانية إلى مؤسسات مصغرة لها هياكلها ومسؤولياتها.
تطرقنا إلى التاريخ المرحلي للطوافة وخصائصها، وطالب رشاد الجهات المعنية بإيجاد حلول جذرية لمشكلة هيمنة بعض بعثات الحج وجهات خارجية أخرى تعمل معها على السوق العقاري بمكة المكرمة بحجة استئجار مساكن لحجاجها.. ورحب حسين بمشاركة المرأة في عضوية مؤسسات الطوافة، فيما رأى أن تجربة انتخابات مجالس الطوافة لم تنضج بعد لضعف الوعي واستمرار التكتلات والمجاملات في بعض الاختبارات.
أشياء كثيرة شملها هذا الحوار الذي أترككم تتابعون تفاصيله...
أسلوب حياة
* الطوافة..تربية؟ نشأة؟ مهنة؟ توريث عمل؟..أين أنتم في ظل هذه التقاطعات؟
الطوافة بالنسبة لي ولأبناء جيلي ليست مهنة فحسب بل نمط حياة، فالأجواء في مكة المكرمة خلال مرحلة الصبا والشباب كانت مفعمة بعبق الحجاج وكل ما كان حولنا ارتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالحج والحجاج، وأذكر أنه عندما كنا في المدارس ويحل موسم الحج كان من المعيب أو الغريب ألا يعمل أي فتى في خدمة الحجاج، حتى من لا ينتمون إلى أرباب الطوائف كانوا يحرصون على القيام بعمل ما لخدمة الحجاج. ونشأنا ليصبح هذا الشرف جزءًا رئيسًا من هويتنا وكياننا.
البيوت المكية مجمع حضارات
* البيوت المكية عندما نقترب منها أكثر.. كيف كانت تستقبل الحجاج؟ وكيف كانت تتعايش معهم من خلال تجربتك الذاتية؟
- لا أزال أتذكر تلك النشأة في أجواء مهنة الطوافة والعمل فيها منذ طفولتي، فقد كنت الابن الوحيد لوالدي رحمه الله وكنت أعمل على معاونته ومساعدته قدر المستطاع للقيام بواجبه كمطوف، وهذا أمر تقليدي سائد ومعروف عند أبناء المطوفين، فقد كنا جميعًا نتعلم المهنة ونتشربها من الآباء كما تعلموها هم من آبائهم وأجدادهم، وهذه المهنة تنتقل من جيل إلى آخر بالممارسة والتطبيق ليس لي فقط بل للعائلة بأسرها فقد كانت والدتي يرحمها الله تقوم بإعداد الطعام للحجاج وهو ما يعرف بوحبة الضيافة وكان كل من في البيت يمارس دورًا في خدمة الحجاج كأخواتي وعماتي، وكان الحجاج يصلون إلى مكة المكرمة قبل موسم الحج بعدة أشهر، ويقضون بذلك فترة طولية بيننا، كانت فرصة مناسبة للتعرف عليهم وعلى ثقافاتهم ولغاتهم وعقد صداقات حميمة معهم، وكان المجتمع المكي يختلط اجتماعيًا وحضاريًا مع الحجاج. وأنا شخصيا تعلمت من تلك الفترة الشيء الكثير: تعلمت تاريخ القارة الهندية السياسي والحضاري وتعرفت على أبرز معالم ثقافة تلك المجتمعات تعددها وتباينها فضلا عن العادات السائدة كما سنحت لي الفرصة في سن مبكرة أن أرى صورة المجتمع المكي في أنظار الآخرين.
تلاقح الثقافات
* هذا يعني أن هناك تأثيرًا مزدوجًا في الثقافات والعادات؟ أو ما يمكن أن نسميه تلاقحا حضاريا؟
- هذا أمر بديهي جدًا، فمجتمع مكة نقطة التقاء حضارات العالم الإسلامي، وإذا تأملنا أنماط حياة المجتمع المكي من طعامه ولباسه ومفرداته وحتى ثقافته نجدها انعكاسًا لما كان سائدًا في العالم الإسلامي، البساطة والتلقائية والانفتاح على الآخرين.
بين المرحلتين
* الطوافة مرت بمرحلتين الأولى في عهد الأفراد والثانية في عهد المؤسسات.. ما مساحة الفوارق بين المرحلتين؟
- ابرز إيجابيات طوافة الأفراد هي تلك العلاقة الحميمة الدافئة والمباشرة التي كانت تربط ما بين الحاج والمطوف، وقد كانت تسهم في تقديم خدمة رائعة لأن المثل يقول (قابلني ولا تغديني). وكانت العلاقة الإنسانية ودفؤها والمشاعر الفياضة والجياشة بين الطرفين تضفى روحا من الإيجابية والقبول على الخدمات التي يقدمها المطوف لحجاجه.
أما الجانب السلبي في مرحلة الأفراد فهو ضعف الإمكانات حيث كانت القدرات الفنية متواضعة والخدمات بسيطة وبدائية ولكن على الرغم من بساطتها وبدائيتها كانت جيدة في إطارها الإنساني
وعندما ننظر الآن للمرحلة الثانية في عصر مؤسسات الطوافة نجد أن الخدمات تطورت كثيرًا لوجود الإمكانات الكبيرة المادية والبشرية والآلية، ولكن ومع الآسف حدث تراجع في المحور الأول الذي كان سائدا في عهد الأفراد وهو العلاقة الحميمة بين المطوف والحاج، ومؤسسة جنوب آسيا قامت ومنذ أكثر من عشر سنوات بالالتفات إلى هذا الجانب وحاولت في طرحها ونظامها الجديد لتطوير خدمات الحج، إعادة بناء وصياغة العلاقة الإنسانية الإيجابية بين المطوف والحاج، ولعلي أزعم أننا في جنوب آسيا ولحد كبير نجحنا في استعادة ذلك الدفء إلى العلاقة.
نسابق مؤثرات 25 عامًا
* أمضت مؤسسات الطوافة ربع قرن بهوية (التجريبية).. حسابيًا كل هذا الزمن كان لها أم عليها؟
- أنا في نظري الشخصي هذه الفترة التجريبية الطويلة كانت سلبية، فخلال تلك المرحلة التي تجاوزت ربع قرن (25) عامًا نشأ جو من السلبية وعدم الشعور بالاطمئنان وافتقاد الأمن الوظيفي وعدم القدرة على التخطيط طويل الأمد واستثمار الموارد والطاقات البشرية، لكن منذ أن صدر قرار مجلس الوزراء في عام 1428ه القاضي بتثبيت هذه المؤسسات استطاعت أن تلحق أو تستدرك وتعوض ما فاتها، فالمتابع الآن لكل ما يدور في هذه المؤسسات يلحظ حراكًا إيجابيًا كبيرًا وتفاؤلا عظيما بالمستقبل.
نظام المؤسسات
* وهل انتهى الآن بالكامل مشروع تطوير نظام مؤسسات الطوافة؟
- هذا النظام في مراحله التفصيلية الآن وسيعتمد بشكل نهائي في القريب إن شاء الله.
* ولكن ما أكثر النقاط التي تم التوقف عندها؟ أعني الأكثر مراجعة؟
- أنا لا أزعم أنني على اطلاع تام بأسرار ذلك الملف وما يدور فيه ولكنني أعتقد أن الحج بالنسبة للدولة أمر في غاية الأهمية ولن تسمح بأي ثغرة أو هفوة -لا قدر الله - قد تعثر هذا المنسك أو قد تسيء لا سمح الله إلى ما تبذله المملكة وتقدمه لضيوف الرحمن، ومن هذا الحرص جاء التدقيق العميق في هذا التنظيم للتأكد التام من أن كل تفاصيله واجراءاته تنسجم وتتناغم مع المنظومة الضخمة القائمة على خدمة الحجاج.
المرأة ومجالس الطوافة
* بعد الشورى والمجالس البلدية هل نرى المرأة في عضوية مجالس إدارات مؤسسات الطوافة؟
- أتوقع ذلك ومتفائل جدًا بهذه المشاركة للنساء في مجالس مؤسسات الطوافة، فهذا واقع كنا نعيشه وليس دخيلًا علينا، فأنا عشت في فترة زمنية سابقة كانت المرأة مطوفة وكنا نشاهد مطوفات يقمن بخدمة الحجاج بشكل مباشر، ولم يكن غريبًا أو مستهجنًا أن تشارك المرأة في خدمة ضيوف الرحمن، فهذا حق مكفول لها أكده ولي الأمر حفظه الله بقراراته الأخيرة، ونحن في مؤسسة جنوب آسيا نشجع وندعم ذلك منذ سنوات.
ولي رأي شخصي في هذا الموضوع، وهو أنه إذا كان أبونا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قد بنيا البيت العتيق فإن الذي أحيا مكة المكرمة امرأة هي السيدة (هاجر) فهي من استضاف الناس وسمح لهم بالسكن في مكة المكرمة. وفي ذلك دلالة عظيمة ورسالة يصعب تجاهلها.
لذا فأول مطوفة هي سيدة وبالتالي لا عجب أن نشاهد نساء مطوفات في عصرنا الحاضر كما كن في العصور الماضية.
انتخابات الطوافة
* خلال العام الحالي شهدنا انتخابات مجالس الطوافة.. ما تقييمكم لها؟
- هذه الانتخابات أعطت للناس حقا مشروعا في أن يختاروا من يمثلهم لا سيما وأن القضية مرتبطة بحقوق مالية وممتلكات، ولكن أستطيع أن أقول إن التجربة لم تنضج بعد، وتحتاج ثقافة الانتخابات إلى مزيد من الوقت وقدر من الممارسة حتى يتم استيعابها وإدراك أبعادها المتعددة ومن ثم تكتمل التجربة وتصبح مفيدة وتفضي إلى نتائج إيجابية.
* وكيف لنا أن نطور العملية الانتخابية؟
- لتطوير ذلك نحتاج إلى عنصرين مهمين وهما وعي الناخب والزمن، فلا بد أن يرتقي وعي الناخب ويتجنب الحسابات الشخصية والتكتلات واختيار الأقرباء والأصدقاء على حساب الصالح العام، يجب أن يكون حكمه منطقيا ونظرته موضوعية عند اختيار المنتخب كما لا بد من الانتظار فترة زمنية كافية لكي يصل الناخب إلى تلك الدرجة من الوعي شريطة الاستمرار الدؤوب في هذا المسار وتكريس مفهوم الانتخاب.
استراتيجيات المؤسسات.
* هل ترى أن مؤسسات الطوافة سائرة في بناء استراتيجيات تتوافق مع معطيات وزارة الحج في تطوير نظام المؤسسات؟
- من المفترض ذلك، فالنظام المتوقع صدوره قريبًا يسعى للنهوض بأعمال هذه المؤسسات وتطوير أعمالها، لكن يجب على كل مؤسسة وجمعية عمومية لهذه المؤسسات أن تضع خططها وبرامجها ونظامها الأساسي الذي يلائم معطياتها وظروفها وحجاجها، وهذا ما أزعم أن الكثير من المؤسسات تفكر فيه الآن وتضعه ضمن خططها الاستراتيجية.
وأعتقد أن المساحة المتاحة لتطوير عمل هذه المؤسسات كبيرة جدًا لانها تتمتع بميزتين، الأولى أننا ما زلنا في بداية المشوار وبإمكاننا أن نقوم بعمل جيد، والأخرى الدعم الذي نجده من دولتنا الرشيدة أعزها الله لجميع الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وللجهات العاملة في خدمتهم ومنها مؤسسات الطوافة التي تجد كل دعم ومؤازرة من ولاة الأمر ومن المسؤولين، ففي ظل هذه المعطيات أعتقد أن نجاح هذه المؤسسات أصبح اليوم مسألة وقت - إن شاء الله-.
إسكان الحجاج
* ماذا عن إشكالية إسكان الحجاج؟ هناك من يطالب بعودته إلى مؤسسات الطوافة؟
- ليس من الضرورة أن تعود مسؤولية الإسكان للمؤسسات ضمن مهامها الأساسية. فإذا نظرنا لهذه المسألة تاريخيًا نجد أن بعثات الحج لم يكن لها دور مباشر في الخدمات المقدمة للحجاج، بل كان دورها تشريفيًا بروتوكوليا، عدا قيام بعض البعثات بخدمات طبية وإنسانية مساندة في فترة كانت إمكانيات المملكة محدودة إزاء الأعداد الضخمة للحجاج.
وعندما صدرت ضوابط الإسكان في عام 1410ه والتي جاءت نتيجة ظروف ومعطيات معينة تم تخويل بعثات الحج والوكالات السياحية لأول مرة مسؤولية توفير السكن للحجاج، وبدأت هذه الجهات في الدخول إلى سوق المملكة الوطني بشكل مباشر وبدأت التعاقد مع أصحاب المساكن ثم التعاقد على النقل وبعد ذلك المطاعم ومجالات أخرى، وهذا عبر تاريخ الطوافة لم يحصل قط فخدمة الحجاج هي خدمة سيادية تقدمها المملكة ومواطنوها دون أي وسيط.
وأنا على يقين بأن هذا الموضوع على قائمة أولويات المسؤولين ولدي تفاؤل كبير بحلول جذرية لهذه المشكلة في القريب إن شاء الله.
الاستثمار في المؤسسات
* ما رأيكم في تدني أجور الخدمة؟ ألا يحتاج إلى إعادة نظر؟ ثم ماذا عن توجه مؤسسات الطوافة إلى قضية الاستثمار لتوفير موارد ثابتة؟
- نتطلع إلى ذلك بتفاؤل ولكن واقع الحال يقول إن أجور الخدمات التي يدفعها الحجاج ثابتة منذ أكثر من (3) عقود ولك أن تتخيل حجم التضخم والمتغيرات الاقتصادية التي طرأت عالميًا ومحليًا خلال تلك الفترة، وهنا يمكن للاستثمار أن يعوض هذا الخلل بحيث يضمن جودة معينة من الخدمات لكنه لن يحقق الارتقاء المطلوب بالخدمة فالفجوة كبيرة، وبتحليل اقتصادي مباشر وعلمي لا يمكن للمؤسسات أن تصمد وتستمر في تقديم خدمات متطورة في ظل أجور الخدمة السائدة حاليا.
استراتيجية مؤسسة جنوب آسيا
* ما مرتكزات استراتيجيتكم في جنوب آسيا؟
- بناء على ما سبق أن بدأناه في حديثنا فالمؤسسة تحرص على أن يستعيد المطوف مكانته في نفوس الحجاج ومنزلته ودوره في المجتمع، ومن هذا المنطلق يسعى مجلس الادارة لأن تكون مكاتب الخدمة الميدانية كيانات اقتصادية واجتماعية ومراكز حضارية وأن تكون ملاذا للحجاج يجدون فيها الدفء والتعامل المهني الراقي ويشعرون فيها أنهم في ديارهم، وهذا الهدف يحقق إيجابيات أخرى على الصعيد التشغيلي لأنه يتيح تفرغ مجلس الإدارة إلى وضع الخطط والاستراتيجيات ويخفف عن المؤسسة الكثير من الأعمال التي تقوم بها لصالح مكاتب الخدمة الميدانية، ونتطلع بهذه الاستراتيجية إلى أن تتحول مكاتب الخدمة الميدانية إلى مؤسسات مصغرة قائمة بكل أعبائها وأدوارها وأن يتطور نشاطها من مهن تقليدية إلى صناعة خدمات عصرية.
مسارات الجودة والتميز
* ما المسارات التي عملت عليها المؤسسة حتى حققت التميز بين سائر زميلاتها مؤسسات أرباب الطوائف؟
- لعل الناظر من الخارج أفضل مني في الحكم فنحن نعتقد أن النجاح الذي حققناه هو واجب نقوم به لأن دورنا كأعضاء في مجلس الإدارة السعي الدؤوب إلى تحقيق المصلحة العامة: مصلحة الحاج والمساهم والمجتمع ونحاول دائما في إطار هذه البوصلة أن نبحث عما يمكن أن يقدم، وكما أسلفت فإن المساحة المتاحة للتطوير كبيرة، والمحصلة الطبيعية للنيات الصادقة والعزيمة القوية والإدارة الحازمة هو النجاح بتوفيق الله أولا وأخيرا.
ولكن يمكن الإشارة إلى بعض المسارات التي اتبعها مجلس الإدارة وفي طليعتها استخدام وتطبيق المنهج العلمي في تطوير الأداء بالإضافة إلى التخطيط الدقيق والإدارة التفاعلية الحازمة.
الأهلة يسابق الزمن
* وقفت على الأهلة.. مشروعكم الاستثماري القادم بقوة، وجدت عجلة العمل تسابق الزمن.. ماذا تم حتى الآن؟
- حسب البرنامج الزمني من المتوقع أن ينتهي العمل من مشروع الأهلة الاستثماري في شهر شعبان من العام القادم 1433ه وكل المؤشرات الميدانية تؤكد أن العمل سينتهي في ذلك الموعد إن شاء الله. والمشروع بالدرجة الأولى استثماري لزيادة موارد المؤسسة، لكن أيضا عندما وضعت تصاميم هذا المشروع حرصنا أن يكون له قيمة عمرانية لمكة المكرمة، ولو نظرنا للمشروع لوجدنا أنه ليس تجاريا بحتًا بالمفهوم التقليدي بمعنى توسيع المساحات المتاحة للتأجير وزيادة واستغلال كل متر متاح. لم يكن هذا هو الهدف، بل كان الهدف إنشاء معلم حضاري يضاف إلى ما تشهده مكة المكرمة من نهضة وتطور ويواكب الخطة الاستراتيجية الموضوعة من إمارة مكة المكرمة لتطوير المنطقة، والمشروع يوفر خدمات تجارية وإدارية وعوائد استثمارية جيدة للمساهمين
خصخصة الخدمات
* مؤسسة جنوب آسيا من أولى المؤسسات التي أخذت بنظام التخصص وإسناد مهمها إلى شركات ومؤسسات متخصصة.. ما مدى نجاح ذلك؟
- هي تجربة نابعة من التفكير الموضوعي العلمي لحل المشكلات والاستثمار الأمثل، حيث وجدنا أن لدينا آليات ومعدات وأننا في كل عام نقوم بتعيين موظفين موسميين للقيام ببعض الخدمات والأعمال، هذه الكوادر البشرية التي تتم الاستعانة تتزايد في الأعداد وفي كثير من الأحيان يصاحب ذلك تدنٍّ في الكفاءة. وعندما طرحنا فكرة أن تؤدى هذه الأعمال من خلال مناقصات تنافسية حققنا هدفين الهدف الأول زيادة كفاءة التشغيل، والهدف الآخر توفير فرص لجميع شرائح المجتمع ليشاركوا في خدمة الحجاج بشكل مباشر ومنظم.
البرامج التدريبية
* يلعب مقدم الخدمة دورا أساسيًا في جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.. ماذا عن تأهيل منسوبي المؤسسة؟
- المؤسسة لديها تعاون مباشر مع مركز تدريب وتأهيل العاملين في الحج والعمرة التابع لوزارة الحج، ونجد منه كل الدعم والتشجيع وفي غضون السنوات الأخيرة عقدنا عددا كبيرا من الدورات التدريبية والتأهيلية أشرف عليها خبراء متخصصون منهم خبراء عالميون في قطاعات شتى، والأهم من هذا كله أننا نحن في المؤسسة لا نكتفي فقط بآراء المتدربين بعدما تنتهي الدورة فالذي يهمنا ماذا نتج عن هذه الدورة في أرض الميدان، لذلك نقوم بتقييم الدورة من حيث مدى انعكاس نتائجها على أداء العاملين، ونقوم بعمل برامج تدريبية في هذا السياق لنعرف ما الذي يحتاجه العاملون من جرعات تدريبية في قطاعات معينة ونسعى إلى توفيرها قبل الموسم
كما نقوم باستطلاع آراء وانطباعات الحجاج وهم يغادرون إلى بلدانهم عن مدى رضاهم عن مستوى الخدمات التي قدمت لهم وماذا يطلبون من خدمات في المواسم القادمة ويتم تحليل ذلك إحصائيا وتعطى مؤشرات عن مدى جودة الخدمات في قطاع معين أو تراجعها في قطاع آخر وهذه تفيدنا كثيرا عند تقويم أعمالنا وإدراك ومعالجة مكامن الخلل.
الترابط الاجتماعي
*ما سر هذا الترابط الاجتماعي الوثيق والملحوظ في المؤسسة؟
عندما بدأت المؤسسة في تطبيق تنظيمها الجديد في عام 1420ه كان ذلك محل جدال وخلاف بين مساهمي المؤسسة آنذاك ولكن بعد أن ثبتت فعاليته وقدرته على تحقيق الأهداف الأساسية التي وضعت له أزال ذلك الكثير مما كان في نفوس المنتمين للمؤسسة فأصبحوا على قناعة تامة بهذا التنظيم كما أصبحوا يعملون بروح الفريق الواحد وأصبح الشخص لا يبحث عن النجاح الفردي فقط بل يريد لكل أعمال المؤسسة أن تنجح، فالانتماء لهذه المؤسسة والشعور بالفخر والولاء لها يزداد بشكل ملحوظ مما أثمر الترابط والتلاحم بين العاملين فيها.
وهذه الروح التعاونية لم يكن أحد يخطط لها بل جاءت تلقائيًا ومن خلال جو النجاح العام الذي أحرزته المؤسسة في شتى المجالات،
ولا استطيع هنا أن أنكر الدور الكبير الذي لعبه ربان هذه المؤسسة عدنان محمد أمين كاتب بشخصيته الفذة وأسلوبه الإداري النادر وحرصه الدائم أن يكون قريبا من جميع الأطراف فقد استطاع بحكمته أن يلم شمل الجميع في هذه المؤسسة وإن كان هناك إنجاز تحقق على هذا الصعيد فالفضل فيه يعود لله عز وجل ثم له لتعامله الإنساني الراقي.
أبرز المستجدات للموسم
* دائما هناك جديد ومتجدد في كل عام في مؤسستكم.. ما جديدكم لهذا العام؟ وكيف تقرأون المستقبل من خلال ما تخططون له؟
- قمنا بإنهاء توثيق عقود الإسكان بشكل لا مركزي من قبل المكاتب بعد أن كان المواطنون ومندوبو الوكالات السياحية يفدون للمقر الرئيس للمؤسسة بشكل كثيف لتوثيقها وأصبحوا الآن يراجعون مكاتب الخدمة وتنتهي إجراءاتهم بكل سهولة في إطار جهود المؤسسة الرامية إلى أن تكون هذه المكاتب عبارة عن مؤسسات مصغرة.
وعلى صعيد تقنية المعلومات هناك الكثير من الحزم في الخدمات الالكترونية قدمتها المؤسسة، وفي مجال خدمات الارشاد هناك خرائط إرشادية يمكن استخدامها عبر الجوالات الذكية لمعرفة مواقع المؤسسة في المشاعر المقدسة وفي مكة المكرمة وهذه الخدمة متاحة للجميع وبدون مقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.