المتابع لأحداث الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بعض الدول الأوروبية وخاصة دول أوروبا المتوسطية (اليونان وإيطاليا) يكاد يجزم أننا أمام عصر جديد قد يسدل فيه الستار على العملة الأوروبية «اليورو». والعديد منَّا يتساءل هل ما يحدث الآن في القارة الأوروبية ما هو إلا تبعات لزلازل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم عام 2008؟! لقد عصفت الأزمة الاقتصادية باليونان بعد أن تجاوزت ديونها 350 مليار يورو، مما أثار مخاوف الدول الأروبية من مغبة تأثير ذلك على باقي دول الاتحاد الأوروبي فسارعت باتخاذ كافة التدابير الاقتصادية ووضع الخطط الكفيلة لإنقاذ «اليونان» من خطر الإفلاس وأقر صندوق النقد الدولي بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي تقديم أكثر من 227 مليار يورو في إطار خطط إنقاذ متتالية لليونان. والملفت للنظر أن الحكومة اليونانية أعربت عن عزمها الخروج من منطقة اليورو والعودة لعملتها السابقة «الدرخما» التي استبدلتها بالعملة الأوروبية الموحدة اليورو بعد الانضمام للاتحاد الأوروبي عام 2002م وهذا بحدِّ ذاته يعد خطرًا يهدد التكتلات الاقتصادية لمنطقة اليورو، وفي ظل تنامي شعور التخوف لدى الأوروبيين فقد أعلنت إيطاليا والتي تعد القوة الثالثة اقتصاديًّا في الاتحاد الأوروبي وسابع قوة اقتصادية في العالم أنها باتت عاجزة عن سداد قروضها البنكية وأصبحت تواجه شبح الإفلاس. لقد أصبح الاقتصاد هو المحرك الرئيس للإطاحة بالحكومات في ظل رفض الشعوب سياسة خفض الإنفاق (التقشف) التي تفرضها بعض الحكومات وتدفع ثمنها طبقات المجتمع الفقيرة والمتوسطة، فقد استقالت حكومتي «اليونان» و»إيطاليا» تباعًا لفشلهما في إيجاد الحلول الاقتصادية المناسبة وإعادة التوازن لاقتصاد بلديهما وتعد دول الربيع العربي الشاهد الأكبر على أن المؤشر الاقتصادي هو محرك الشعوب الرئيس. همسة: تربع اليورو على عرش العملات الأكثر تأثيرًا في العالم خلال العقد الماضي وأخذت تتضاعف قيمته أمام سعر «الدولار»، فهل هناك ربيعًا أوروبيًا يلوح بالأفق يرسم ملامح منظومة جديدة للإطاحة بذلك المارد وتفكك منطقة اليورو؟!