* على الرغم من أن الهوية الدينية للمجتمع البريطاني هي المسيحية إلا أن العلاقة بين المؤسسة السياسية والكنيسة تتعرض بين الحين والآخر لهزات عنيفة وكان أقوى تلك الهزات في حقبة الثمانينيات الميلادية وعندما كانت مارجريت تاتشر رئيسة للوزراء وممثلة لدائرة فنشلي Finchily ذات الأغلبية اليهودية من السكان، بل وصل بها الإعجاب برجال الدين اليهودي بأن دعت في مذكراتها رجال الدين المسيحي يأخذ دروس من كبير الحاخامات – آنذاك – Rabbi- Jakobrits, وخصوصاً لدعوة التعاليم اليهودية – حسب رؤيتها – للاعتماد على الذات وعدم الحاجة للآخر – وهي دعوة رأى فيها المسيحيون الإنجليز رغبة لدى تاتشر في إحلال الديانة اليهودية كدين رسمي غير معلن للحكومة. * في الحقبة الأخيرة برز اسم كبير أساقفة «كانتر بري» رأس الكنيسة الإنجليكانية – الدكتور راون ويليامز – وظهرت منه تصريحات جريئة مثل: انتقاده للمبادئ المادية والرأسمالية المتشددة والتي تسببت في إيجاد فجوة كبيرة بين طبقات المجتمع، ثم دعوته بأن تأخذ المحاكم القانونية بقانون الأحوال الشخصية الإسلامي، عندما يكون المسلمون البريطانيون طرفاً في قضايا شخصية مثل الزواج والطلاق وتصدى ل Williams عدد من الأساقفة، واعتبروا دعوته تضامناً مع الأقليات الأخرى وفي مقدمتها الأقلية أو الجالية المسلمة، وعندما قصفت القوات الأمريكية مقر زعيم القاعدة ابن لادن، انتقد الأسقف هذا الهجوم بذريعة أن الرجل لم يكن يحمل سلاحاً نائياً بنفسه عن العمليات الإرهابية التي ارتكبها في حق الأبرياء من مسيحيين ومسلمين وخصوصاً في أحداث سبتمبر المعروفة. * أخيراً كان حادث احتلال مجموعة من مناهضي الرأسمالية لساحة كنيسة St.pauls في وسط لندن وتضامن في البداية مع المناهضين الأسقف «ويليامز» ولكن استقالة رجل الدين المسؤول عن الكنيسة وانتقاد رئيس الوزراء البريطاني –كميرون- للمسؤولين عن تهيئة مناخ هذه الظاهرة دفع الأسقف ويليامز للخروج وانتقاد هذه الظاهرة، ولعل هذه العوامل مجتمعة هي التي تدفع باستقالة أسقف «كانتر بري» من منصبه قبل ما يقرب من عقد كامل من الموعد المحدد لتركه المنصب رسمياً الأمر الذي يعيد إلى الواجهة الخلاف بين السياسي والديني هناك.