قد تفقد صديق العمر فتحزن وتكتئب ولكن مع الأيام تجد أن النسيان قد تسلل إلى قلبك وأصبحت تبحث عن آخر، وقد تتعرض لظلم قريب فتشعر وكأنها كالسهم خرج من يدك فأصاب قلبك .. فتحتار وتردد: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند إلا أنها تبقى هناك بقية باقية من الأقارب يشعرونك بالدفء، ويعوضونك بالنقص الذي أحدثه هذا القريب الظالم. ولكن قولوا لي كيف السبيل إلى علاج فتاة صبرت وصبرت في انتظار زوج لا سنة ولا سنتين ولا ثلاث بل عشر سنين، وعشرين سنة، وثلاثين سنة .. كيف السبيل .. كيف العلاج .. بل أين المفر من أزمات نفسية حادة تكدست وتكومت واتحدت في قلب صغير لفتاة ينبض في كل دقيقة بنبضات ضعيفة تقول كل نبضة لأخرى هل سمعت عن خاطب طرق الباب .. فترد النبضة الأخرى لا والله بل كل ما أسمعه هو طرق نبضتك الضعيفة واليوم .. بل وفي كل يوم يضاف رتل جديد لكفة العوانس، فهاهي العنوسة تتعدى المليونين في المملكة فقط، وهي تتجاوز العشرة ملايين في مصر، فما بالك في بقية الدول العربية والإسلامية؟!! وما بالكم بكمية الأمراض النفسية التي تخلفها تلك الأعداد الهائلة من فتياتنا الصامتة المنكسرة الحزينة؟!!. سمعنا عن نسب انتحار لفتيات عوانس، وعن قضايا هروب من المنزل، وعن انحراف سلوكي، وعن اكتئاب، وعن حالات يأس، بل وجدنا من تقول خذوا كل شهاداتي وأسمعوني كلمة ماما .. رددوها يا كرام .. ماما .. ماما .. يا إلهي ما أجملها من كلمة، وما أعذبها من عبارة، وما ألطفها من نطق. هذه وهي موظفة وصاحبة شهادات قالت هذه الكلمة؛ فلا الوظيفة أنستها، ولا الشهادة ألهتها، بل كانت مجرد مسكنات سرعان ما فقدت تأثيرها في الأعصاب فاشتعلت تقول: «خذوا كل شهاداتي وأسمعوني كلمة ماما». أطباءنا النفسيين؛ إنني أشفق عليكم هذا الكم الهائل من القضايا التي جعلت عياداتكم النفسية كالسد يواجه سيل المراجعين؛ فكنتم أنتم كالدر لصدر يعاني من الألم، أو يخاف اقترابه، فأنتم بعد الله تعالى نور وضياء وأمل لمريض فقد الأمل، ومراجع سئم الملل، ومكتئب أوشك على الهلاك. لذا؛ أرجو منكم ومن العيادات النفسية الاستعداد لاستقبال تلك الملايين من العوانس اللاتي يعانين من مشكلات نفسية، منهن من كان حلمها بفارس يقفز بها خلف رمال الصحراء، ولكن القضاء جاء والقدر حل فلا الرمال عصفت، ولا الصحراء تزينت، ولا الفارس ظهر .. لذا؛ أنقذوا فتياتنا يا أطباءنا النفسيين، ولا تتركونا نعد النسب والإحصائيات لضحايا العنوسة .. فهذه منتحرة، وتلك منحرفة، والأخرى هجم على قلبها اليأس. ان الاعتراف بالخطر هو الحل الأمثل لكارثة كانت ولا زالت هي أم الخبائث الاجتماعية التي تعاني منها الدول الإسلامية في هذا القرن!! فهلا سعينا في حل؟!، وهلا حضرنا علاجا؟!، وهلا فتحنا عيادة؟! وهلا أعددنا أخصائي عوانس؟! عبد العزيز جايز الفقيري - تبوك