بالقرب من قلعة صلاح الدين الايوبي بالقاهرة ، يقام سوق ضخم في الهواء الطلق يوم الجمعة، بجوار ضريح السيدة عائشة الذي أصبح السوق يحمل اسمها .. فى هذا المكان تجد كل شيء يمكن أن تتخيله .. أو قد لا يخطر على بالك .. أجهزة كهربائية وأدوات زينة وحيوانات أليفة ، وحتى الحيوانات النادرة المحظور صيدها وتلك الخطيرة القاتلة .. والأخرى المحنطة. لكن: لماذا يتجمع عشرات الآلاف من البشر في هذا المكان كل يوم جمعة ، مابين بائع وباحث عن الغرائب التي لن يجدها في أي بقعة أخرى ؟! القصة بدأت قبل اربعة قرون ؛ ففي ذاك الزمان البعيد كان المماليك يحكمون مصر انطلاقا من قلعة صلاح الدين الأيوبي ، التى كانت تقع على تلة خارج أسوار القاهرة القديمة ، قبل أن يزحف إليها العمران ويتجاوزها .. في هذا المكان كان المماليك يعقدون سوقا كل أسبوع لتجارة الرقيق ، الذين كان الشباب الأقوياء منهم يلتحق بمعسكرات الجنود ليصبحوا محاربين . وبجوار تجارة الرقيق ، كان يفد إلى السوق تجار يعرضون بضائع أخرى .. وهذه البضائع هي التي بقيت بعد انقراض تجارة الرقيق .. لكنها تنوعت لتشمل عشرات الآلاف من الطيور والزواحف والحيوانات النادرة أو المهددة بالانقراض: الكلاب النادرة وعصافير الزينة، والقطط والطيور والقرود والتماسيح .. وحتى الخنافس والعقارب والأفاعي السامة . بالطبع لكل سلعة زبائنها .. فالخليجيون يبحثون عن الصقور الحرة المدربة على الصيد ، والأطفال يشترون السلاحف الصغيرة والقطط والكلاب وحتى الأرانب .. وهناك هواة الحمام الذي يضم السوق منه أكثر من 100 نوع .. أما الباحثون عن الزواحف السامة الحية والمحنطة ، فأولئك من عشاق الهوايات القاتلة !! الطريف أن هناك روادا من نوع آخر ، هم الباحثون عن حيواناتهم الأليفة الأثيرة عندهم التي فقدوها .. وفي الغالب فإن اللصوص لا يجدون أفضل من هذا السوق لبيعها . وبجانب الأثرياء هواة مخلوقات الطبيعة الحية، والباحثون عن الحيوانات والطيور النادرة ، هناك الفقراء الذين يبحثون عن السلع المستعملة والرخيصة ، التي يوفرها لهم " سوق السيدة عائشة " .لا تتعجب اذا رأيت كل ذلك .. فأنت في سوق " العجائب " .. الذي ينتشر على مساحة كبيرة من الأرض ، ويمتد ليصل إلى الحواري القريبة من الميدان ! "سوق الحرامية" يحمل السوق أيضا لقب " سوق الحرامية " ، فبسبب زهد البائعين فيما بين أيديهم ، وعرضه بأسعار رخيصة ، فإن الأهالي يرتابون في أنها مسروقة ، كما أن أغلب البضائع مجهولة المصدر وغير أصلية .. ومع ذلك فلها زبائنها الذين يرغبون في توفير احتياجاتهم بأسعار رخيصة ، وتتبع في نفس الوقت آخر الصرعات العالمية في الموضة . صيدلية الرصيف الباحثون عن الدواء الرخيص ، يجدون بغيتهم هناك ، فالدواء الرخيص يباع على الأرصفة ، ولا أحد يسأل عن مصدره أو تاريخ صلاحيته . حمامة عابرة للقارات الحمام .. أشهر الطيور التي تباع في السوق .. هناك تجده من كل لون وجنس ونوع .. " الحمام الزاجل " أكثر الأنواع إثارة للغرابة وأغلاها سعرا ، ويشتريه الهواة الأثرياء الذين يهتمون بالسباقات الدولية ، التي يقيمها الاتحاد المصري لسباق الحمام ، وبجانب " الزاجل " يوجد نوع نادر من الحمام يوصف بأنه " عابر للقارات " ، وهو يتميز بالجمال والقوة والذكاء ، وقد يصل ثمن الحمامة الواحدة من هذا النوع إلى مليون جنيه !! وهواة طيور الزينة قد تنتابهم الحيرة ، أمام أنواع الطيور الجميلة الكثيرة : بلابل وعصافير مغردة ملونة وكناري وببغاوات وطواويس . أما أصحاب الهوايات الغريبة ، فسيجدون بغيتهم هناك من القرود والنسانيس ؛ إلى كرنفال أسماك الزينة والسلاحف والقطط والفئران .. وصولا إلى الخنافس والحرباء والثعابين والأفاعي السامة. وهناك أيضا هواة التحف، وهم من السائحين والأثرياء بصفة خاصة، هؤلاء الذين يفتشون في أكوام البضائع المكدسة على الأرصفة عن تحفة غريبة أو تمثال لا يعرف أحد قيمته، وأنت في "سوق الجمعة" غالبا ينبغي ألا تسأل أحدا عن ماهية أي شيء غريب تصادفه ، فالبائع يقول لك ببساطة : " إن كنت تعرفه اشتره ".