المتأمل لمنظر الحجاج في المشاعر يشده منظر مَن يحجون على كراسٍ متحركة. ولم يعد الغريب مشهد الحجاج الجالسين على هذه الكراسي لكبر السن أو علة أصابتهم، ولكن القصة التي تقف وراء إصرار الكثيرين على دفع كبار السن بسعادة بالغة. البعض يدفع والدته ويقول: لم أقدّم لها شيئًا، والآخر يدفع شقيقه لأنه رباه، وكان سببًا في تعليمه والآخر تهمه الصداقة فيدفع صديقه. يقول الحاج أداء منور سيس من الجزائر 48 عامًا: إنه يحج للمرة الثانية من أجل والدته التي يطلب الله عز وجل أن يفوز برضاها خاصة أنها تجاوزت الثمانين عامًا، ولم تؤدِّ فريضة الحج من قبل ولو كانت لديه قدرة مادية لقام بتحجيج والدته كل عام؛ لأن عينيها تدمعان كلما شاهدت الحجيج يوم عرفة عبر التلفاز. أمّا صديقه الجلالي زوقار علي فيقول إنه يؤدي فريضة الحج مع والدته التي تجاوز عمرها ستين عامًا، ويحرص على خدمتها وتوفير جميع سبل الراحة لها لكي تتمتع بحج صحيح وسليم وخالٍ من الرفث والفسوق والعصيان. أمّا مهرية إسماعيل من المغرب فكان يدفع بعربته صديقه فرج محمود، ولا يتجاوز مَعْلمًا أو مشهدًا جميلاً إلاّ ويقف لكي يشاهده صديقه. ويقول لو طلب مني أخي الذي لم تلده أمي أن أضعه على أكتافي وأطوف به المشاعر المقدسة لفعلت ذلك؛ لأنه صديق وله أفضال كثيرة عليَّ. ويقول فرج أنه سعيد لمرافقة صديقه مهرية له في الحج والحرص على راحته، ويقول إنه ولولا هذا الصديق الوفي لما استطاع أن يؤدّي الحج لأنه يعاني من إعاقة منذ صغره. أمّا على محمد قاسم يمني الجنسية فرفض التصوير وقال: أقوم بخدمة أخي الكبير لأنه خدمني منذ صغري، ووفر لي جميع سبل الراحة لكي أكمل تعليمي، وأحصل على أعلى الشهادات ومهما قدمت فلا أستطيع أن أوفيه حقه.