توافد ثلاثة ملايين حاج إلى صعيد عرفات منذ فجر هذا اليوم المبارك الذي يعتبر خير يوم طلعت عليه الشمس -واليوم الذي يباهي فيه ربنا الملائكة بأهل عرفات - بعد قضائهم يوم التروية ومبيتهم بمنى في أكبر حشد يمكن أن يشاهد على وجه البسيطة في تلك البقعة الصغيرة بالنسبة لهذا التجمع العقدي العظيم من حجاج بيت الله الحرام مهللين مكبّرين، وقد تجردوا من متاع الدنيا، وتوحدوا في المشهد والزي والدعاء والخشوع تغشاهم السكينة، لا يبتغون سوى مرضاة الله، وكل أملهم أن يتقبل منهم أداء الركن الخامس في الإسلام بأن يجعل حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا ليعودوا إلى ديارهم سالمين غانمين كما ولدتهم أمهاتهم، وقد استبشروا بالجنة التي تعتبر جزاء الحج المبرور الذي لا رفث ولا فسوق ولا جدال فيه، ولا يبتغي فيه الحاج غير وجه الله ومغفرته ورضوانه. المملكة وهي تقوم بمهمة تأمين سلامة وأمن ضيوف الرحمن وترعاهم في التنقل بين المشاعر لتأدية مناسكهم بيسر، فإنها إنما تعبر عن حرصها البالغ واهتمامها الشديد بالحجيج وتوفير كافة سبل الراحة لهم من خلال تجند طاقاتها وإمكاناتها ومؤسساتها الحكومية والأهلية لخدمة ضيوف الرحمن، وهو ما أكده سمو ولي العهد بقوله: إن المملكة لن تتردد أبداً في الحفاظ على ضيوفها، وعدم السماح لأيٍّ من كان باستغلالهم، أو إثارتهم أو التنغيص عليهم وعلى عباداتهم التي يؤدونها. ما وفرته المملكة من خلال أجهزنها الأمنية والخدمية الحكومية والأهلية من طواقم بشرية ومتطوعين وتجهيزات، تتوزع مهامها في المجالات الأمنية والعلاجية والإسعافية والوقائية والإعلامية والإرشادية ووسائل نقل، بما في ذلك سيارات الإسعاف والطائرات، والمستشفيات الثابتة والمتنقلة وآلاف الأطباء والمسعفين وقوات الدفاع المدني، كل ذلك يؤكد على جاهزية المملكة واستعدادها لأي طارئ لا قدر الله، وهو ما يدفع إلى التفاؤل بنجاح موسم الحج هذا العام إن شاء الله كما تعود العالم الإسلامي كله من المملكة خلال الأعوام السابقة في مهمة لا يضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير نايف بن عبد العزيز -حفظهما الله- بديلاً لها غير النجاح.