المتتبع لمواقف المملكة العربية السعودية في دعمها للقضية والشعب الفلسطيني على مدى ثمانية عقود وأكثر ، وذلك من واقع شهادة التاريخ وسجلاته ووثائقه - لابد وأن يصل إلى النتيجة بأن هذا الدعم لم يتبدل ولم يتزعزع خلال تلك الفترة الطويلة ، بل أخذ في الازدياد على مر السنين ، وأنه ظل يشكل أحد ثوابت السياسة الخارجية للمملكة ،التي ألت على نفسها ملكاً وحكومة وشعباً أن تقدم كافة أشكال الدعم والعون والمساندة لفلسطين أرضًا وشعباً ، قدساً وقضية . المتتبع لهذه المواقف لابد وأن يتوقف طويلاً عند حجم ومستوى هذا الدعم الذي تعددت قنواته ، والذي وصل إلى ذروته في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حتى أصبح من المتعذر رصد كافة أشكاله بعد أن تجاوز الصعد المالية والإنسانية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية من خلال المبادرات الخيرة التي ظل يطلقها – حفظه الله- منذ كان ولياً للعهد تطلعاً نحو تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال ، ودعمه في تحقيق آماله ومطالبه العادلة في الحصول على حق الدولة على ترابه الوطني بعاصمتها القدس الشريف وفقًا لمبادىء القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لا شك أن صدور الأمر السامي باستضافة الأسرى الفلسطينيين المحررين في صفقة التبادل البالغ عددهم 477 أسيراً وأسيرة لأداء فريضة الحج هذا العام يمثل شكلاً آخر من أشكال هذا العطاء السخي من لدن مليك أثبت من خلال مواقفه ومبادراته الإنسانية الخيرة - التي تعدت حدود الوطن وامتدت إلى بلدان وأقطار شتى في أصقاع المعمورة – شيمته في النبل والشهامة والعطاء الجميل ، إلى جانب ما تنطوي عليه هذا المبادرة الطيبة من معنى كبير كونها تندرج في سياق المواقف التاريخية للمملكة إزاء الشعب الفلسطيني بعامة والأسرى الفلسطينيين بخاصة ، الذي يعتبر هذا التكريم الملكي لهم بمثابة التقدير لنضالهم وتضحياتهم وصمودهم ومعاناتهم خلال سنوات الأسر الطويلة. هذا الموقف النبيل لخادم الحرمين الشريفين لم يقتصر على هذه المكرمة ، حيث استبقها – رعاه الله- باستضافة ألفي حاج من ذوي الأسرى والشهداء والعائلات المحتاجة ، بما يؤكد على شيمة هذا الوطن ونبل قيادته ووفاء شعبه.