ودّع العالم العربي والإسلامي قبل أيام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الذي توفي -رحمه الله تعالى- بعد أن خلّف وراءه سيرة شخصية كتبت على وجنة التأريخ الخالد والمشرف اسم قيادي مثقف ومعطاء. ويذكر التأريخ بفخر -في دولة الخير والسلام- أن ميلاد الأمير سلطان بن عبدالعزيز في مدينة الرياض يوم الخميس الثالث عشر من رجب عام 1346ه الخامس من يناير 1928م، قد بشر -بفضل الله- ببزوغ شمس رجل تأريخ ودولة؛ وبالفعل ترعرع ذلك الشبل في كنف مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، ومن مدرسة ذلك القائد العظيم نهل الأمير الراحل أطيافًا من الدروس في القيادة، وإدارة الأمور، كما دوّن التأريخ أن الأمير سلطان كان شغوفًا بالعلم، والاستزادة من المعارف والثقافات، فجالس العلماء، ورجال الفكر، وتأثّر بأخيه الملك فيصل -غفر الإله له- إذ لازمه في رحلاته الخاصة والدولية، فتشكّلت شخصية الأمير سلطان على أساس متين من الثقافة والحنكة في مختلف المجالات. لذلك تقلّد الأمير سلطان مناصب هامّة وحسّاسة، حيث عُيّن أميرًا للرياض عام 1366ه، وفي عام 1375ه، عُيّن وزيرًا للمواصلات، وفي عام 1382ه، تم تعيينه وزيرًا للدفاع والطيران ومفتشًا عامًّا، تلا ذلك تعيينه عام 1402ه، نائبًا ثانيًا لمجلس الوزراء، إلى أن صدر في عام 1426ه، أمرٌ ملكيٌّ بتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى كونه وليًّا للعهد. ولا شك أن الحديث عن منجزاته في مختلف المجالات يحتاج إلى سجلات مشرعة، لكن رجال الفكر والثقافة والتعليم سيذكرون للأمير الراحل اهتمامه ودعمه للثقافة وأهلها، فقد ترأس اللجنة العليا لسياسة التعليم، وكان مهتمًّا بالنشر، حيث رأس «الموسوعة العربية العالمية» التي أصدرت طبعتها الأولى عام 1416ه، وفي عام 1424ه، اختارته جامعة «كرانفيلد» البريطانية ليكون شخصية العام، ومنحته الدكتوراة الفخرية. نعم.. كان الملك عبدالعزيز يرى في ابنه الأمير سلطان صفات القائد والزعيم، ولذلك منحه ثقته، فتحمّل المسؤوليات الجسام منذ صغره، فكان أهلاً لها بما يمتلك من صفات القائد الحصيف. إن منجزات فقيد الأمة حققت للمملكة العربية السعودية شأوًا لا يُجارى، ووضعت للسعودية موقعًا حضاريًّا فريدًا بين كافة الأوطان في أصقاع المعمورة. فإلى جنة الخلد -بإذن الله- أبا خالد، فقد عشت خالدًا، ورحلت باقيًا في قلوب العرب والمسلمين.