إن المتأمل في سيرة فقيد الوطن والأمة الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله- تتشكل لديه قناعة ويقين صادقين بأن هذا الرجل من العيار الثقيل، فقد أسند إليه والده الملك عبدالعزيز - رحمه الله- جهاز الحرس الملكي عام 1362ه وهو ابن ثلاثة عشر ربيعاً، لما وجد فيه من الصفات القيادية والنبوغ المبكر، ثم ولاه والده إمارة منطقة الرياض عام 1366ه مع أهمية هذا المنصب، وفي عام 1373ه أسندت إليه حقيبة وزارة الزراعة والمياه، ثم وزارة المواصلات، وفي عام 1382ه عين وزيراً للدفاع والطيران والمفتش العام، وظل في هذا المنصب لأكثر من خمسين عاماً حتى توفي - رحمه الله. سلطان بن عبدالعزيز هو أحد مهندسي السياسة السعودية خاصة بعد تعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء عام 1402ه وبعد مبايعته ولياً للعهد عام 1426ه حيث مثل المملكة في كثير من المحافل العربية والإسلامية والدولية، وساهم في توطيد العلاقات مع كثير من الدول الشقيقة والصديقة. وسلطان بن عبدالعزيز هو مطور الجيش العربي السعودي بقواته الأربع، وهو الذي نقل المؤسسة العسكرية السعودية إلى أعلى المستويات المتقدمة عدة وعتاداً. وسلطان بن عبدالعزيز هو رجل الجود والكرم والرحمة، وهو أحد رواد العمل الخيري داخل المملكة، وذلك بدعمه لكثير من الجمعيات الخيرية ورعايته للمحتاجين من ذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والمطلقات والمعسرين والمرضى، بل إن أياديه البيضاء قد امتدت إلى خارج المملكة فكان له مساهمة في العمل الخيري في كثير من الدول العربية والإسلامية، وظل سلطان الخير رائداً للعمل الخيري وعلى مدى عقود طويلة حتى ترجم مسيرته الخيرية بإنشائه لمؤسسته الخيرية عام 1415ه وتوجها بإقامة أعظم مشروع من مشاريع الخير وهي مدينة سلطان للخدمات الإنسانية عام 1422ه. وأميرنا الراحل هو صاحب القلب الرحيم واللمسات الحانية والعواطف الجياشة والوجه البشوش والنظرة المبتسمة والكلمات الرقيقة في تعامله مع إخوانه وأبنائه المواطنين، وذلك بتقديره لكبيرهم وأخذه بيده ضعيفهم وتلمسه وقضائه لحاجة منقطعهم. وفقيدنا الراحل هو النموذج الرائع والرجل المركز الذي يحتذى به في بذله وعطائه فقد ضحى بوقته وجاهه وماله في سبيل خدمة دينه ثم مليكه ووطنه، وهو الرجل الذي لن تنساه الأجيال القادمة وستظل الألسن تلهج بذكر مناقبه وتتداول سيرته وتدعو له بالرحمة والمغفرة، وسنظل جميعاً نردد: «طبت يا سلطان حياً وميتاً».