إن لله تعالى نفحات على عباده كثيرة ومختلفة يؤديها في أوقات معينة طلباً للثواب والطاعة والقرب من الله وخوفاً من عذابه. من هذه النفحات هي العشر من ذي الحجة وتبدأ من أول شهر ذي الحجة وتنتهي في العاشر منه الذي يسمى يوم النحر . في هذا اليوم تصفى نفوس الناس وتصعد أعمالهم إلى خالقهم . قال صلى الله عليه وسلم ( مامن أيام العمل الصالح فيها أفضل من هذه العشر) ويعني بها العشر من ذي الحجة فالرسول يقودنا ويدعونا لاغتنام هذه الفرصة وفي هذه الأيام المباركة بالإكثار من الأعمال الصالحة لان العمل في هذه العشر له ثواب وجزاء عظيم . بجانب مايؤديه المسلم من أركان الإسلام وزيادة في النوافل والطاعات والاعمال الصالحة ومن معالم هذا الشهر هو يوم عرفة وهو الركن الأساسي في الحج . اليوم الذي يصعد فيه حجاج بيت الله الحرام على جبل الرحمة ومنهم من يقف داعين الله ان يغفر لهم ذنوبهم وان يتقبل منهم مذرفين الدمع ومتوسلين لرب السماوات والارضين أن يتقبلهم ويشملهم برحمته وغفرانه. ومن لم ينله شرف الوقوف بعرفة يتقرب فيه إلى الله بصيام هذا اليوم فصيامه يكفر سنة قبلها وسنة بعدها . وكما قال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن فضل عرفة ( مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عباداً من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بعباده بين الملائكة) وفي رواية لأحمد بن حنبل والحاكم قال عليه الصلاة والسلام ان الله يباهي باهل عرفات أهل السماء فيقول لهم انظروا الى عبادي جاءوني شعثا غبرا اشهدكم اني قد غفرت لهم . وقد يتساءل البعض ويقول أيهما أفضل العشر الأوائل من ذي الحجة ام العشر الأواخر من رمضان التي أحياها الرسول وأيقظ أهله وشد مئزره ؟ الجواب بان كليهما لهما نفس الفضل ففي العشر من ذي الحجة يوم الحج الأكبر ويوم عرفة ويوم التروية ويوم النحر . اما ليالي العشر الاخيرة من رمضان تفاضلها لان فيها ليلة القدر وهي خير من الف شهر أي ان التفضيل في العشر من ذي الحجة باعتبار الايام اما العشر الاواخر من رمضان باعتبار الليالي فما اروع ان نستقبل هذه المناسبة بقلب صاف وروح صادقة... د. بشائر موفق خاشقجي - جدة