بداية أرفع أحر التعازي وصادق المواساة لخادم الحرمين الشريفين وكل الأسرة المالكة وعامة الشعب السعودي في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد.. النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.. وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.. تقبله الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وبعد، لقد حفلت حياة المرحوم.. بإذن الله تعالى.. بالنشاط الدؤوب والحركة الدائمة في كل موقع تولاه منذ بداية حياته العملية متنقلًا بين المناصب الوزارية المهمة التي توجت بتوليه ولاية العهد من بداية ولاية أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. مع استمراره في الاضطلاع بمهامه السابقة لذلك بكاملها.. وزيرًا للدفاع والطيران والمفتش العام. والأمير سلطان بن عبدالعزيز.. كان رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ.. يعمل على توطيد مفاهيم المشاركة الإيجابية في إدارة شؤون الدولة في جو من المحبة والدقة والتعاون والحرص على مصلحة المواطنين ورعاية شؤونهم بانضباطه المعهود وحرصه على تطبيق الأنظمة ودعم مشروعات الدولة التنموية في شتى المجالات. وقد كان لتوجهات الأمير سلطان التنموية آثار بالغة الأهمية على التقدم الذي تحقق في المملكة العربية السعودية بحكم وجوده قريبًا من صناعة القرار في كل مراحل الحكم، حيث تربى في رعاية والده الملك عبدالعزيز وعمل مع كل إخوانه الملوك الذين خلفوا الملك عبدالعزيز المؤسس طيب الله ثراه. كان الأمير سلطان بن عبدالعزيز شديد الحرص على تطوير القوات المسلحة، وتوفير كل ما تحتاجه من الرعاية بحرص أبوي لا يدخر الجهد والمال في سبيل ذلك، ومن يشاهد المستشفيات العسكرية في جميع مناطق المملكة وهي تكتظ بالمراجعين من منسوبي وزارة الدفاع والطيران وأسرهم وكل فئات الشعب لتلقي العلاج في كل فروع الطب والرعاية الصحية.. يعلم أن وراء ذلك الإنجاز توجهات قائد وقرار رجل دولة.. الأمير الوزير الإنسان.. الذي كانت زياراته المكثفة لكل القواعد العسكرية وكل مناطق المملكة يترقبها الكل بالبشرى والفرح والسرور لما يلقوه من سموه من عناية وعطاء واهتمام بشؤونهم. وفي مجال الأعمال الخيرية حدّث ولا حرج.. حيث كان الأمير سلطان بن عبدالعزيز رمز عطاء لا يتوقف.. مبادرًا.. ومشجعًا.. وداعمًا.. بصدر رحب.. وأريحية كريمة.. تستمتع بالبذل والعطاء ومساعدة المحتاجين.. تحسبًا لفعل الخير والأجر من عند الله سبحانه وتعالى. في مجال الطيران المدني كانت له بصمات مشهودة في تشييد المطارات.. أتذكر متابعته المستمرة خلال مراحل تشييد مطار الملك خالد الدولي حيث كان يصر على تفقد مراحل بناء المطار من البداية إلى قبل الافتتاح.. وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل- كانت الوقفة الأخيرة في مسجد المطار- الذي حرص سموه على أن يكون تحفة معمارية- خاطب المسؤولين التنفيذيين في الطيران المدني والخطوط السعودية والأرصاد الجوية موجهًا بأهمية التعاون والإتقان والإخلاص في مهمة إدارة المطار الجديد.. وبعد أربع ساعات كان على الموعد لاستقبال الضيوف والإشراف على حفل الافتتاح الذي بدأ في الساعة السابعة صباحا. وفي الخطوط السعودية وضع بصماته على كل مراحل نمائها، حتى أصبحت عنصرًا أساسيًا وفعالًا في كل مراحل التطوير والنماء الذي شهدته المملكة، وقد كان يرحمه الله يحرص على الاستماع ومناقشة المشروعات والحث على الإنجاز السريع وفق ما تتطلبه المصلحة العامة. ومن عاصر مراحل النقلات النوعية التي مر بها النقل الجوي في المملكة.. يشهد بذلك.. جزاه الله خير الجزاء عن كل ما قدمه وأفناه في خدمة الوطن والمواطن.. جعله الله في ميزان حسناته. من الصعب جدًا في هذه المساحة المحدودة تعداد مناقب رجل بقامة الأمير سلطان بن عبدالعزيز على امتداد حياة مليئة بالعمل الجاد والعطاء الوافر والمشاعر الإنسانية الفياضة والإنجازات التنموية العظيمة.. تشهد بها مآثره العطرة داخل المملكة وخارجها. وكل من عمل مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز عن قرب يدرك حضوره المميز وقدرته الفائقة على اتخاذ القرار والتوجيه بما يراه مناسبًا بحزم وثقة في سبيل التطوير وتعزيز قواعد التنمية الشاملة التي تعود بالخير والرخاء والأمن والاستقرار على أبناء الوطن. وإذا وقف الأشهاد لتقييم أعمال سلطان بن عبدالعزيز سيجدون أن من أبرز مناقبه حبه لفعل الخير وحماسه المتوقد للتنمية المستدامة التي شهدتها المملكة في شتى المجالات خلال الخمسة العقود الماضية.. لم تقتصر على الوزارات التي تولاها بل كان لها طابع الشمولية في شتى مرافق الدولة. لقد عاش الأمير سلطان بن عبدالعزيز حياة حافلة بالإنجازات العظيمة التي مرت بها المملكة منذ خمسين عاما حيث كان في قلب الأحداث.. جمع بين تألق الامارة.. وهيبة الوزارة.. وعطاء الكرام.. وعفو المقتدر.. وفطنة المتمكن من حرفة الدولة ومهارة إخراج الحلول التي تحظى بالقبول.. يتممها بالمتابعة حتى تتحول إلى واقع ملموس في داخل المملكة وخارجها.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.