قال الضَمِير المُتَكَلّم : قبل أمسِ الأحد كان يوماً مختلفاً في حياة العرب في عصرهم الحديث ، ففي إشراقة صباحه بدأ التونسيون أولى خطوات الإصلاح بعد نجاح ثورتهم ( ثورة الياسمين ) في إسقاط ( نظام الظلم والاستبداد ، والرأي الواحِد والوحيد ) ! في صباح ذلك اليوم شَعُر كل تونسي بقيمته في وطنه ، أحسَ بمكان صوته من الإعراب ؛ حيث جَرت أول انتخابات حقيقية في تونس ؛ ومن تلك المحطة وضع التونسيون اللّبِنَات الأولى لمسيرة بناء وطنهم من جديد !! ذلك كان في بشائر صباح الأحد أما مع نسمَات مسائه ؛ فكانت الفرحة تطوف حول ليبيا ، والبهجة تسكن قلوب الليبيين ؛ فقد تمّ إعلان تحرير كامل التراب الليبي من أيدي ( معمر القذافي وزبانيته ) ؛ تلك الأيدي التي أطبقت على الليبيين أكثر من أربعين عاماً وسلبتهم حريتهم ووطنهم ، حاضرهم ومستقبلهم !! يوم الأحد الماضي وُلِدت ( ليبيا الحرة التي يملكها كلّ الليبيين ) ، وكان خطاب التحرير الذي ألقاه رئيس المجلس الانتقالي ( المستشار مصطفى عبد الجليل ) مختلفاً !! كان خطاباً لم يعهده العرب طيلة عقود ؛ فقد بدأ بالتكبير والسجود ، ونعم شَكَر الثورة ومن ساهم فيها ودعمها ، ونعم شكر الغرب وتحالفاته ودوله وأثنى على دعمه وجهوده ؛ لكنه كان مختلفاً !! فموقف الغرب المساهم في نجاح الثورة ودعمها عسكرياً ومادياً ولوجستياً لم يجعله يخضع ؛ بل أعلنها صريحة ( ليبيا دولة إسلامية دستورها الإسلام ، وأي قانونٍ يخالف ذلك فهو ساقط ولاغٍ ) !! صدقوني عند نطقه بتلك الكلمات تمنيت أن أكون بقربه فَاقبّل جبينه !! لقد شعرت بالفَخْر ؛ فذاك صوتٌ غير مألوف ؛ لقد رأيت وسمعت زعيماً أو لِنَقُل مسئولاً مسلماً رغم سطوة الغرب وقتها ، ومساعدته له في الوصول لأهدافه ؛ يعلن على الملأ ودون خوفٍ أو تنازلٍ عن المبادئ والمُسَلّمَات الدينية أن منهج ليبيا الحرة ومستقبلها هو الإسلام . ( عبدالجليل ) هتف لا للربا ، ونعم لبناء المصارف الإسلامية ! ( عبدالجليل ) نطق نعم للتسامح وللوحدة والتعددية ، ولا للفرقة والصوت الأحادي والانفرادي . ( عبدالجليل ) أو « ليبيا الحرة « لم تنس المرأة بل قدّرتها وثَمّنت دورها ومواقفها . وأخيراً أعتقد أن الشعبين الشقيقين التونسي والليبي قد وصلا لبداية طريق الحرية والعدالة الاجتماعية ، والتطور والنجاح ؛ ولكن عليهما أن يحافظا على تلك المكتسبات لتكون الأساس للتنمية الشاملة . وأخيراً لعل ( يوم الأحد 23 أكتوبر 2011م ) الذي شَهِد على ولادة تونس وليبيا ؛ يكون بشارة بخلاص الشعبين السوري واليمني وغيرهما من الشعوب المظلومة ، والمحكومة بالاستبداد وأدوات الحديد والنار ( اللهم آمين ) . ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .