احتفل الليبيون امس بشكل رسمي بما أطلقوا عليه «يوم تحرير ليبيا بالكامل»، وذلك في مهرجان مركزي جرى تنظيمه في مدينة بنغازي الواقعة شرقي البلاد، والتي كانت أوَّل مدينة ليبية تعلن انعتاقها من نظام العقيد معمر القذافي الذي قُتل يوم الخميس الماضي. واعلن رئيس المجلس الوطنى الانتقالى مصطفى عبد الجليل في يوم «تحرير ليبيا» ان كل القوانين التي تخالف الشريعة الإسلامية ملغاة وأعلن مسؤول في المجلس الوطني الانتقالي الليبي أمس أن السلطات الليبية الجديدة ستسلم جثة معمر القذافي إلى أقربائه. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن أحمد جبريل قوله إن القرار اتخذ لتسليمه إلى عائلته الكبيرة، لأنه لا يوجد أي فرد من عائلته المباشرة في الوقت الحاضر. واضاف: إن المجلس الوطني يتشاور مع الاسرة التي ستقرر اين سيدفن القذافي، رافضا تحديد موعد تسليم الجثة. وأوصى القذافي بألا يغسّل، وأن يدفن وفق تعاليم الشريعة الإسلامية وفي ثيابه التي مات فيها، في مقبرة سرت إلى جانب أهله، كما حث على حسن معاملة أسرته وخاصة النساء، بالإضافة إلى استمرار المقاومة ضد حلف شمال الأطلسي والثوار المناوئين له. وكشف قائد القوات التي ألقت القبض على معمر القذافي تفاصيل الدقائق الأخيرة في حياة الزعيم الليبي السابق.وقال عمران العويب ل»بي بي سي» إن العقيد الذي كان مصاباً تم سحبه من أنبوب لصرف المياه حيث كان يختبئ في سرت وإنه سار 10 خطوات قبل أن ينهار وسط إطلاق النار يوم الخميس. وقال إنه من المستحيل معرفة من أطلق الرصاصة التي أردته قتيلاً.وأضاف «لم أر من قتل القذافي ولا السلاح الذي قتله». وأكد أن بعض مقاتليه أرادوا إطلاق النار على القذافي ولكنه أراد القبض عليه حياً، مشيراً أنه بعد انهيار القذافي، جرى نقله إلى مستشفى ميداني حيث أعلن الأطباء وفاته.واضاف العويب: «حاولت إنقاذه ولكنني لم أتمكن من ذلك».وقالت وكالة «سيفين دايز» الموالية للقذافي في صفحتها على فيسبوك: إن وصية القذافي التي كتبها في 17 من الشهر الحالي في سرت قبل مقتله بأيام معدودة فقط، قد وصلتها عن طريق واحد من ثلاثة سلمهم القذافي نص الوصية احتياطاً لمقلته، مشيرة إلى أن أحد هؤلاء توفي ووقع الثاني في الأسر، بينما نجا الثالث.ووفقاً للوكالة استهل القذافي وصيته بآية قرآنية قبل أن يقول: «هذه وصيتي أنا معمر بن محمد بن عبدالسلام بن حُميد بن أبومنيار بن حُميد بن نايل القُحصي القذافي، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام وأموت على عقيدة أهل السنة والجماعة». وأوصى القذافي بألا يغسّل، وأن يدفن وفق تعاليم الشريعة الإسلامية وفي ثيابه التي مات فيها، كما أوصى بدفنه في مقبرة سرت إلى جوار قومه وأهله. وأضاف في وصيته: «أن تُعامل عائلتي وخاصة نساءها وأطفالها معاملة حسنة، وأن يحافظ الشعب الليبي على هويته وعلى منجزاته وتاريخه وصورة أجداده وأبطاله المشرفة، وألا يسلّم في تضحيات أحراره وأخياره». وحث القذافي وفقاً للوصية المنشورة على استمرار المقاومة من بعده، وقال: «أوصي أن تستمر مقاومة أي عدوان أجنبي تتعرض له الجماهيرية الآن أو غداً وعلى الدوام». الى ذلك بدأ الاحتفال بتحرير ليبيا امس بعزف النشيد الوطني الليبي الجديد وبعروض لطلائع ثوار ليبيا وطلائع الجيش الوطني الوليد.وألقى المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، كلمة المجلس التي استهلَّها بالسجود على أرض ميدان الاحتفال «شكرا لله على الإطاحة بنظام القذافي»، ومن ثمَّ ناشد الجميع بعدم إطلاق النار ابتهاجا بالتحرير.بعدها قال عبد الجليل: «كفاح الليبيين ضد معمََّر القذافي كان قد بدأ منذ ذلك الانقلاب (أي انقلاب القذافي على النظام الملكي عام 1969)، ولكن اللحظة لم تحن إلاَّ هذا العام».بعدها شكر عبد الجليل الدول والمنظمات والجهات العربية والدولية التي ساعدت ثوار ليبيا بالإطاحة بنظام القذافي، مشيرا إلى أن أبرز تلك الجهات كان حلف الناتو «الذي أدار الحملة ضد نظام القذافي بكل جدارة». كما شكر عبد الجليل الثوار وكافة مكوِّنات المجتمع المدني وكل من كان له دور في التخلُّص من النظام السابق.وقال: «إن أي قانون مخالف للشريعة الإسلامية هو موقوف فورا، ومنها القانون الذي يحد من تعدد الزوجات».وأضاف قائلا إن ليبيا الجديدة ستسعى لإرساء نظام بنكي إسلامي، ومنها الإعفاء من الفوائد المصرفية لأي قرض اجتماعي أو سكني بحدود 10 آلاف دينار ليبي، وإلغاء الربا.وقال: «بإذن الله تعالى، سيكون هنالك المزيد من المزايا لأسر الشهداء. وها نحن نعلن اليوم أن هنالك ترقية استثنائية لكل العسكريين والمدنيين الذين شاركوا في معارك القتال ضد نظام القذافي». وأضاف: «أدعو الجميع للسير في الطريق القويم. أموالنا وأعراضنا ودماؤنا حرام علينا. التسامح ونبذ العنف والحقد أمر ضروري لنجاح الثورة».وقال: «أدعو كل الليبيين إلى الاحتكام إلى القانون ولا شيء سوى القانون. وما عليكم إلا بالصدق والصبر والتسامح.» وأردف : «نحن بحاجة إلى جيش وطني يحمي الوطن. المستقبل سيكون زاهرا لكم أيها الليبيين، وما عليكم سوى بوحدة الصف وبتقوى الله».كما وجَّه التعزية إلى الشعب التركي بسقوط المئات من القتلى جرَّاء الزلزال الذي ضرب البلاد الأحد. كما عزَّى أيضا الشعب السعودي بوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي كما دعا للشعبين اليمني والسوري بالنصر. بعدها تلا عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الانتقالي، بيان تحرير ليبيا والذي جاء فيه: «الشعب الليبي، وهو يؤسس لدولة القانون، يؤكد احترام كافة الاتفاقيات القائمة».وأضاف: «اليوم ندخل بخطى ثابتة إلى مرحلة ما بعد التحرير».وألقى عبد الرحمن الكيسة، وزير شؤون الشهداء والجرحى، كلمة في الحفل قال فيها: «لقد كذَّبتم معمَّر القذافي الذي خاطبنا من أنتم فأصبح الآن جيفة (جثة) هامدة... الخزي والعار لأزلام القذافي وزبانيته».وحيَّا الكيسة ملك ليبيا الراحل محمَّد إدريس السنوسي الذي كان القذافي قد أطاح في عام 1969 بنظامه وأضاف: «أعدكم أنكم ستشاهدون أفعالا وأفعالا كبيرة بحجم رجالات ليبيا».وألقى اللواء عمر الحريري كلمة الجيش الوطني الليبي تحدث فيها عن دور الضباط والعناصر العسكرية الذين انشقوا عن نظام العقيد القذافي وانضموا إلى الثوار.وقال: «سوف يعاد تنظيم الجيش الوطني بشكل كامل ليتماشى مع تطورات وروح العصر، وليكون في خدمة الوطن، ولن يكون في خدمة طاغية آخر».وألقى فوزي بوكتف كلمة باسم سرايا الثوار تعهَّد فيها بإعادة جميع العربات المسلحة إلى ثكناتها، وبدمج سرايا الثوار بالجيش الوطني وبتسليم أسلحتها إلى الجيش.وقد عدَّد بوكتف أسماء العديد من الضباط والثوار الذي أسهموا بالثورة وبالإطاحة بنظام القذافي.