بدأ التونسيون أمس، التصويت لاختيار 217 عضوا في مجلس تأسيسي، تعود بانتخابهم الشرعية لمؤسسات الدولة ولوضع دستور جديد «للجمهورية الثانية» في تاريخ تونس مهد الربيع العربي. وصوت التونسيون بحرية للمرة الاولى في تاريخهم وسط توقعات بحصول الاسلاميين على افضل نتيجة، وذلك بعد تسعة اشهر من الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي. وقال حسين الخليفي (62 عاما) الذي يصوت في مكتب انتخاب بوسط العاصمة وجاء قبل ساعة من موعد فتح المكتب: «لم اغمض عيني طوال الليل. انا سعيد للتصويت في انتخابات حرة للمرة الاولى في حياتي». واضاف: إن «تونس تهدي العالم بأسره اليوم باقة حرية وكرامة». وتم نشر اكثر من اربعين ألف عنصر من الجيش وقوات الامن لتأمين الاقتراع الذي يتابعه اكثر من 13 ألف ملاحظ محلي واجنبي. وقالت سالمة الشريف (48 عاما) التي تصوّت في ميتوال فيل قرب العاصمة: «انه حدث عظيم وهي المرة الاولى في حياتي التي اصوت فيها. في السابق كانت الانتخابات مهزلة». واطلقت نساء زغاريد ابتهاج في احد مكاتب الاقتراع في مدينة بنعروس بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وبعد نصف ساعة من انطلاق التصويت كان هناك اكثر من 300 شخص في مكتب الاقتراع في المدرسة الابتدائية ببنعروس. وهناك 2500 ناخب مسجل في هذا المركز الانتخابي. وقال توفيق بلخادم (50 عاما) «هذا يوم انتهاء الظلم والاستبداد في البلاد». اما فوزية (21 عاما) وهي طالبة فقالت في غبطة بادية: «هذه اول مرة اعطي فيها صوتي، هذا يوم تاريخي وعرس بالنسبة لي». اما عثمان العباسي (96 عاما) فتذكر ما كان يحدث منذ اكثر من 50 عاما في انتخابات تونس وقال «انتخبوا لي في الماضي وانا اليوم من ينتخب، اشعر بنخوة لا توصف». وكانت الانتخابات فقدت كل معنى لها في ظل حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) ولم تكن الا اجراء شكليا في عهد بن علي (1987-2011) الذي كان يعاد انتخابه المرة بعد الاخرى بنسب تتجاوز التسعين بالمئة. وحثت العديد من الصحف التونسيين على القيام بواجبهم الانتخابي. وعنونت «الشروق» صفحتها الاولى وباللون الاحمر «هلموا الى الصناديق». وتحت عنوان «موعد مع التاريخ» كتبت في افتتاحيتها «اليوم تونس على ابواب محطة تاريخية فارقة ستكرس ارادة الشعب وستفتح البلاد على مرحلة جديدة من الديمقراطية والتعددية والحداثة».وتحت العنوان ذاته كتبت «الصباح» في افتتاحيتها أمس يصوت التونسيون «وهم مدركون بل متيقنون بان اصواتهم لن تذهب ادراج الرياح وبأن كلمتهم هي الفيصل التي ستحدد وحدها مستقبل البلاد». وعنونت «لوكوتديان» صفحتها الاول «الجميع، الى مكاتب الاقتراع» اما «لابريس» فعنونت صفحتها الاول «الشعب التونسي يستعيد حريته وكرامته». ومن الرهانات الاساسية في هذه الانتخابات النسبة التي سيحصل عليها حزب النهضة الاسلامي والمقربين منه وابرز قوى الوسط واليسار وهو ما سيحدد موازين القوى في المجلس التاسيسي وخريطة التحالفات فيه وبالتالي مستقبل السلطة والمعارضة في تونس.