"انتخبوا بدلا مني طويلا في الماضي واليوم أنا من ينتخب بحرية"، قالها ناخب تونسي يقترب سنه من مئة عام أمس باعتزاز وهو يدلي بصوته في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أول انتخابات حرة في تونس المستقلة. وتذكر عثمان العباسي (96 عاما) ما كان يحدث قبل أكثر من 50 عاما في انتخابات تونس المعروفة النتائج سلفا وقال "انتخبوا بدلا مني في الماضي وأنا اليوم من ينتخب أشعر بنخوة لا توصف". واضاف ضاحكا بسعادة "الشمس تشرق اليوم في تونس التي سادها الظلام لعقود". أما سهى (22 عاما) وهي طالبة فقالت في غبطة بادية "هذه أول مرة اعطي فيها صوتي، هذا يوم تاريخي وعرس بالنسبة لي" قبل أن تشرع في أخذ صور للناخبين عبر الهاتف الخليوي "للذكرى" كما قالت. ومنذ الصباح الباكر أمس تشكلت طوابير طويلة في كثير من المراكز الانتخابية يخرج منها الناخب وقد لونت سبابته اليسرى بحبر لا يمحى قبل يومين فرحا وفخورا بالمشاركة في انتخابات تاريخية. وفاق طول الطوابير في بعض الأحياء كيلومترين. وقال عزالدين شرقي (76 عاما) فيما كان يتجول في السوق المركزية وسط العاصمة التونسية بعد أن أدلى بصوته "ذهبت باكرا إلى مكتب الاقتراع وأمضيت ساعتين قبل أن يأتي دوري للتصويت". وأضاف شرقي الذي لم يصوت البتة خلال حكم بن علي ردا على سؤال حول الجهة التي صوت لها "أقول لكم لمن صوت...أظن أنكم تمزحون ..إنه اقتراع سري" مكتفيا بالقول إنه يأمل "ان يمتنع الفائزون عن عادة الركض وراء الكراسي". وقالت ثريا الماجري (52 عاما) إنها المرة الأولى التي تدخل فيها إلى مكتب اقتراع في نهج مرسيليا بالعاصمة. وأضافت وهي تظهر سبابة يدها اليسرى وقد لونت بالحبر الانتخابي الأزرق "إنه حلم راودني طيلة نحو 23 عاما" في إشارة إلى فترة حكم بن علي البلاد دون منازع. وذكرت الطالبة مروى (22 عاما) وقد لفت جسمها بالعلم التونسي "ما يجري اليوم هو تطبيق فعلي لما دعا إليه الشعب التونسي" خلال ثورة 14 يناير الماضي. وأضافت وقد اغرورقت عيناها بالدموع "يحق لنا اليوم أن نفرح ...ونتذكر بخير شهداءنا في هذا اليوم التاريخي". وعلت أصوات أبواق السيارات في وسط العاصمة كما في ضواحيها ورفع راكبوها العلم الوطني ملوحين به للمارة. وفي حي التضامن احد الأحياء الشعبية غرب العاصمة امتدت صفوف الناخبين والناخبات وقال أحمد الردالي "اليوم ولى زمن التخويف" والتونسي يصوت بحرية. وقالت الطبيبة سلمى شريف (48 عاما) وهي تغادر مكتب اقتراع في ميتوال فيل وسط العاصمة "إنها المشاركة الأولى في حياتي..في السابق لم أكن أبذل جهدا للذهاب للانتخاب" التي قالت إنها كانت عبارة عن "مهزلة". ومن جهته أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي أن إقبال التونسيين على انتخابات المجلس التأسيسي "فاق كل التوقعات التي كنا نتصورها". وأوضح في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة "الإقبال على الاقتراع فاق كل التوقعات التي نتصورها". وأضاف "ليست لدينا أرقام دقيقة عن نسبة الإقبال حتى الآن ومحتمل أن تفوق نسبة المشاركة 60%".