أفاقت بلادنا أمس الأول على صبح تغشّى فيه الحزن العميق وجوه المواطنين رجالاً ونساءً ، شيوخًا وأطفالاً ، عندما غابت الابتسامة التي ظلّت ترتسم على ملامح رجل وقائد وإنسان من أبناء هذا الوطن العزيز كرّس حياته ووهب جهده ووقته وفكره لخدمة بلاده ورفع رايتها عالية خفّاقة عندما فاضت روحه إلى بارئها راضية مرضية ، لتسيل الدموع على خدّ الوطن مبتهلة إلى البارئ عزّ وجل أن يتغمّده بواسع رحمته وأن يكون مثواه جنة الخلد بإذن الله. رحل الرجل القائد الإنسان الذي اقترن اسمه بالبناء الإداري والحضاري للوطن بدءًا من تقلّده لمنصب أمير الرياض في عهد والده القائد المؤسس الملك عبدالعزيز ، ومنذ اقترن اسمه بتطوير الجيش العربي السعودي منذ تسلّمه لمنصب وزير الدفاع والطيران عام 1962 حتى وفاته - يرحمه الله - ، وحيث ظلّ على مدى قرابة الخمسين عامًا أمينًا على تراب الوطن الذي لم تدنّس ذرة واحدة منه من قبل طامعٍ أو دخيلٍ خلال تلك الفترة الطويلة التي كانت تشهد فيها المملكة أكبر عملية تنمية وتطوير ضمن خطة طموحة حققت خلالها قفزة نوعية بفضل الله ثم بفضل الأمن والاستقرار الذي ظلّ دائمًا عنوانًا لهذا الوطن ، تحميه أيدٍ أمينة ، من خلال عقيدة عسكرية وأمنية تقوم أساسًا على الإيمان بالله والتقيّد بتعاليم الدين الحنيف مما كان له أثره الكبير في رفع معنويات جنود الوطن، وزيادة عزمهم على الدفاع عن راية التوحيد . وهو ما كان يحرص عليه فقيد الوطن في تلقينه لأبنائه الجنود في أرجاء الوطن خلال لقاءاته بهم في المناسبات والأعياد. رحل الرجل والقائد والإنسان الذي اشتهر بين شعبه وعلى مستوى العالم بأنه رجل العطاء الخيري والإنساني عندما ظلّت يده البيضاء تمتد بالعطاء السخي دون توقف أو نقصان للمساكين والمحتاجين ، داخل الوطن وخارجه ، فكان عونًا بعد الله لليتامى والأرامل والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة ، وحيث وصلت تبرعاته وهباته ومنحَه إلى الجمعيات والجامعات والكراسي العلمية ، والطلبة المعوزين ، وبناء المساكن للفقراء ، وتشييد بيوت الله داخل الوطن وخارجه. ما يخفف من وقع هذا المصاب الأليم أن ذكرى سلطان وبصماته على خريطة الانجازات الداخلية والخارجية في وطن العزة والشموخ ستظلّ باقية وخالدة في ذاكرة الوطن ووجدان المواطن.