صحيح مختلفون، وكل يري الآخر (غريب أطوار).. عرفهم أحد الكُتَّاب العالميين في أحد مؤلفاته بأنهما كائنان مختلفان قلبًا وقالبًا، قادمان من كوكبين مختلفين، والمفاجأة أنه تم بيع ملايين النسخ من هذا الكتاب حتى يومنا هذا، وهذا دليل واضح على إدراك الطرفين تمامًا أنهما مختلفان، لكن تكمن المشكلة في إيجاد أداة التفاهم، ومفتاح حل الاختلاف بين الجنسين. «إن كيدهن عظيم».. و»الرجال قوامون على النساء».. أشهر أسلحة يشهرها الطرفان تجاه الآخر، لكي يستطيع أن ينتصر ويثبت أن بني جنسه هم (شعب الله المختار)، وينسى أنه قد يكون في جنسه من هو لكل السيئات يملك..! لا نريد أن نخوض في جدل مَن أفضل، لأنها قضية وهمية نحن ابتدعناها، لأن المقياس كما علّمنا مَن خَلَقَنا لا يُقاس بالجنس، أو اللون، أو العرق! وإنما أيّكم أفضل عملاً، فنحن نريد أن نرتقي بمستوى التفكير قليلاً، ونعيد صياغة بعض التعاريف، وأشهر أسلحة الطرفين، فجملة «إن كيدكن عظيم» التي ذُكرت في القرآن الكريم، كانت موجهة من لسان ملك مصر إلى زوجته، ولم يكن توجيهًا من رب الجلالة، ومن هنا نلغي التفسير بالجملة علي عامة النساء، ونهرب من التناقض الذي يستخدم أحيانًا عندما ينتقد الجنس الآخر، وفي أحيان أخرى هناك من يذكر أن النساء ناقصات عقل، وهو أيضًا من يصفهم قبل قليل «بالكيد والدهاء» فنقول: (كفاية فلسفة يا أبوالشباب).. ولنعلم أن الحياة لا تستقيم بدون الطرفين. «الرجال قوامون على النساء»، فالقوامة هنا تعني قدرة الرجل علي توفير احتياجات المرأة والأسرة، وتلبية كل طلباتها ومتطلبات الحياة، فليست المرأة هي المطالبة ب(تكاليف الحياة) من شراء علبة الحليب، أو كيس الأرز أو كسوة العيد... إلخ، فهذا تخصص ذكوري بحت، ولا بأس بالمشاركة (الطوعية) في ذلك، وعندما لا توجد تلك القدرة عند الرجل حينها لا تتوافر فيه صفة القدرة على القوامة! ومن جهة أخرى فالحرب الناعمة علي الجنس (الخشن)، والذي يكون فيها اللسان بمثابة صواريخ الباتريوت، والقنابل الذرية التي يستخدمها بعض من النساء في حربهن أحيانًا من سوء ظن، وانتقاص للجنس الآخر بأنهم أناس ماديون، وأنانيون، وغير متحمّلين للمسؤولية وغيرها من العبارات (الحارقة) بناء على حالات وتجارب خاصة هي أيضًا خطأ، ويجب أن نعالجها ونعدل من هذا التفكير، ولا نطلق معاني بالجملة، ومعاني مطلقة، ونعممها على كل فئات المجتمع. باختصار فإن الرجل والمرأة مخلوقان مُكمّلان لبعضهما، وكلما زادت المسافة والفجوة بينهما تفكك هذا العالم، وأصبح أكثر شتاتًا، وتقسمت المجتمعات لفئات ذكورية وأنثوية، وبذلك لا تستقيم الحياة! ونحن بأيدينا عندما نُعدِّل من معيار أفكارنا، ونتعايش بسلام مع اختلافات الجنس الآخر، ونتقبل ونحترم هذا الاختلاف، ستكون الوحدة، وجمال العلاقات بين الطرفين رائعة ومميزة. ولا أجد أفضل من جملة ذكرها أحد الدكاترة المنصفين بأن المرأة والرجل «كالعقل والقلب للعالم»، وفقدان أو تجاهل أحدهما إمّا أن يموت العالم، أو يصبح العالم مختلاً عقليًّا.. دمتم في سلام.