وصف الكاتب والقاص خالد اليوسف ما ينشر في الساحة الأدبية من نصوص تتزيا بمسمى «القصة القصيرة جدًّا» بأنها مجرد خواطر وكتابة بعيدة عن القص نفسه، مؤكدًا أنها تخلو من أقل الشروط الواجب توافرها في هذا الفن.. كما يرى اليوسف أن الشعر العربي سيظل ديوان العرب مخالفًا في ذلك الآراء الشائعة حاليًا في المشهد الأدبي العربي بأن الرواية أصبحت ديوانًا للعرب، مبينًا أن الرواية لن تستطيع أن تزاحم في هذه الميزة، معضدًا رؤيته هذه بالإشارة إلى أن الشعر اعتمد كشاهد لكثير من الكتابات والدراسات وفي مجالات كثيرة.. كذلك امتدح خالد ما قامت به وزارة الثقافة والإعلام من دعم للأندية الأدبية، ومن ذلك إقرارها للائحة الجديدة، داعيًا إلى مزيد من التفاعل مع هذه اللائحة بتلافي ما ظهر عليها من بعض القصور حين تطبيقها على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن تكرار أسماء بعينها في المحافل الثقافية المختلفة من ملتقيات وأمسيات ومهرجانات أمر طبيعي في ظل تكرار نفس الوجوه المشرفة والمنظمة لهذه الملتقيات.. تجربة اليوسف مع الكتابة، والنشر الإلكتروني، وموقفه من إبداع المرأة السعودية، ونظرته للنشر المحلي، وغيرها من المحاور الأخرى، في سياق هذا الحوار.. تنوّع وليس تجريبيًا * يركض جهدك الإبداعي في مضمار السرد ما بين القصة القصيرة، والقصيرة جدًّا والرواية.. ألم تراودك نفسك على الشعر.. وهل الكتابة لديك موقف أم بمزاج عام؟ ** من قال أني لا أكتب الشعر..! الشعر هو البداية لي، وهو الروح والإحساس والمشاعر والنبض والدافع للاستمرار الإبداعي، وهو معي في كل قراءة وكتابة.. أما الكتابة لدي فهي تراكم مشحون بالمعرفة والتجربة والحياة بكل تطلعاتها، ربما موقف أو حديث أو قراءة تشعل فتيلها، وربما صوت مخبوء حان موعد انطلاقته، وربما حالة حزن شديد لا تنفرج إلا بالكتابة، وربما حركة عامة مثيرة لكل الأوساط فدفعتني للمشاركة والدخول فيها.. والقالب هو الذي يختار نفسه، أي أن تنوّع الكتابة لدي طبيعي وليس تجريبيًا أو مزاجيًا أو بحسب الطلب. فقر إبداعي * بعد كل تجاربك مع القصة القصيرة جدًّا.. هل ترى لها وجودًا فعليًّا.. آخذًا في اعتبارك أن البعض يراها مجرد خواطر عابرة ومطية سهلة لأنصاف المواهب؟ ** القصة القصيرة جدًّا موجودة وكيان شامخ، وإبداع رائع جذاب، وقد عرّفتها في كتابي «انطولوجيا القصة القصيرة في السعودية» بأنها الكتابة الأحدث بالنسبة للكتابة القصصية، وهي التي تتفرد بالتكثيف للجملة، والضغط اللغوي، والحدث الواحد، والشخصية المحورية، والموضوع المقنن، وهي عادة لا تتجاوز الأسطر الخمسة أو الستة أي لا تتجاوز خمسين كلمة فقط!.. لكن هل كل كاتب يتقنها ويستطيع ممارستها، ويثبت أنه قادر على وصول عمقها والتعبير عما يريد وتريد هي؟، طبعا لا!! والدليل هذا الكم الكبير من المجموعات والنصوص التي نراها في ساحتنا باسم القصة القصيرة جدًّا، وبمجرد قراءتها بتمعن تجد أنها خواطر وكتابة بعيدة عن القص نفسه، لأنها تخلو من أقل الشروط وهي ما ذكرته في التعريف. ديوان العرب الدائم * ميزة العرب بالشعر رسّخت لزمن طويل بأنه «ديوانهم» استنادًا لإرث تالد وقديم.. لكن يبدو أن الواقع يريد أن يسحب هذه «الديوانية» لصالح الرواية في زمننا الحاضر.. هل ترى في ذلك خيانة لهذا التراث؟ ** الشعر العربي عامة تميز عن غيره بموروث كبير وعميق توّجه لأن يكون ديوان العرب، لكن الرواية ليست ديوانًا للعرب، ولن تكون، ولن تصل إلى ما وصل إليه الشعر، والأسباب كثيرة يعرفها النقّاد والدارسون والمؤرّخون للأدب، والقضية ليست بالمحتوى فقط وإنّما بالزمن والتراكم والتضمين الدقيق، الشعر العربي حفظ لنا أماكن وحوادث وشخصيات ومعالم طويت ونُسيت وأصبحت غير واردة أو معروفة للذاكرة العربية، لهذا اعتمد كشاهد لكثير من الكتابات والدراسات وفي مجالات كثيرة. متغيرات سريعة * على أي وجه ترى إنتاج الأدباء والمثقفين السعوديين في مجال البحوث.. وأيهم الأبرز في هذا المضمار من واقع ما تقدمه في هذا المجال من حين إلى آخر؟ ** تمر حركة النشر والإنتاج الأدبي في المملكة العربية السعودية بمتغيرات سريعة ومتجددة، وليس أدل على ذلك من الجداول التي انشرها برفقة البحث السنوي في هذا الموضوع منذ عام 1996م، أي أن التطور والتغير لم يتوقف ولم يهدأ؛ بل في كل عام ترتفع وتيرة المطابع ويضج صوتها لإنتاج دواوين الشعر والمجموعات القصصية والأعمال الروائية والكتب التي تدرس هذه القفزات الإبداعية.. والشيء الجميل في حركتنا الأدبية أن هناك تنوعًا في نوافذ الإنتاج واهتمامًا في أبواب النشر، أي أن المؤلف لن يحار أمام كتابه لوجود الأندية الأدبية التي تتنافس في هذه الدوامة لكسب المؤلفين الوطنيين، وهناك جهات رسمية أخرى تتبنى الكتاب الأدبي، بخلاف الناشرين -وبخاصة دار المفردات ودار الكفاح- السعوديتين، أما خارجيًا فتحدث واحصِ واذكر ما شئت ولا حرج، لأن كل الناشرين العرب يتحفزون وينتظرون الكتاب السعودي خصوصًا الكتاب المدفوع التكاليف. من كل هذا نصل إلى أن المنتج العام يقترب كل عام في الشعر إلى الثمانين ديوانًا ويتزايد، والقصة القصيرة من هذا الرقم تقريبًا، أما الرواية فقد تجاوزتهما!، ولن أستطيع في هذه الإجابة ذكر أسماء أو مؤلفين بذاتهم، لأن الحديث هنا عن الجميع وعن الحركة بشكل عام. واقعية صريحة * لو خصصنا الحديث عن تجربتك البحثية.. يلمح البعض إلى أن ما تقدمه من بحوث عن الأدباء والمثقفين لا يرقى إلى المنهجية النقدية.. فما قولك؟ ** أنا لم أكتب أو أتحدث أو أصرح نهائيًا بأن ما أقوم به وأكتبه يصل إلى مرتبة النقد، لأنّ الكتابة والدراسة الببليوجرافية والببلومترية تعتمد على الحقائق والوقائع الرقمية، ومن هذه الوقائع انطلق وأكتب بعض المقالات والدراسات التي لا تداخل مع النص الإبداعي فيها؛ بل مع الإنتاج بصورة عامة، وهي أحيانًا تنطلق من الحالة الإبداعية لديّ، وهي كتابة أنظر من خلالها إلى الحياة الأدبية والثقافية بواقعية صريحة واضحة المعالم. احتواء كل الأصوات * «الرواية عجينة تصلح لكل الفطائر».. هل تتفق مع هذه المقولة.. وهل ترى الكتابة عن الأشخاص نوعًا من التشوق للفطير بالذهب؟ ** ربما بسبب قدرة الرواية على احتواء كل الأصوات والطبقات والفئات في المجتمع، ولأنها عمل كبير من الممكن أن نصنفها كتاريخ معاصر، أو تحليل اجتماعي، أو رؤية سياسية طليعية، الرواية تتقبل كل الثقافات بشرط قدرة الكاتب من أدواتها، وتمكنه من إدارة فصولها وأحداثها بتميز ونجاح!! أما الشخصية في الرواية وهي أهم عنصر تقوم عليه، وقد أُفردت دراسات لا حصر لها عن هذا العنصر. علاقة متصالحة * الملاحظ أن علاقتك بالإعلام يشوبها بعض الفتور في أحايين كثيرة.. فلم تصبّ جام غضبك على الذين يكتبون ضد توجهاتك؟ ** من قال إني بعيد عن الإعلام، وإني أغضب من أحد معيّن في الإعلام أو في أي مجال أدبي وثقافي..!، أبدأ؛ بفضل الله علاقاتي الأدبية والثقافية رائعة وأخوية ومتصالحة مع الجميع؛ إنما بعض المحررين لا يتحملون المسؤولية، ولا يقدرون الجهد الذي يبذله الضيف من أجل الإجابة على كل أسئلتهم بصدق وموضوعية وشفافية، فينفر منهم القارئ والكاتب والمتابع للصحيفة!! ملتقى مهم * استنادًا إلى دعوة أدبي الباحة لك لإلقاء أمسية قصصية.. كيف ترى دوره الأدبي والثقافي من خلال ملتقاه السنوي للرواية.. وهل ترى تخصص كل منطقة بملتقى أدبي ظاهرة صحية أم طفرة وزارية؟ ** وهنا امتداد للإجابة السابقة، وهي دليل قطعي للعلاقة الوثيقة مع كل الأوساط، إذ إن صداقتي وأخوتي منحتني بطاقة النشر والمشاركة والتفاعل مع الحركة الأدبية في الباحة، حيث تفضل النادي ومنسوبوه الأعزاء بإصدار كتابي «معجم الإبداع الأدبي: الرواية» في طبعته الأولى، وشاركت في أمسية قصصية مع العزيز المبدع تركي العسيري، وشاركت في ملتقى الباحة للرواية، ومازلت متواصلًا مع النادي، لأن علاقتي مع كل الأدباء وليس مع مجلس الإدارة فقط الذي أكنّ لأعضائه جميعًا كل حب وتقدير، والعلاقة لا ترتبط بظروف ومناسبات بل بالإنسان نفسه.. أينما كان ويكون، وملتقى الباحة للرواية مهم جدًّا، ويجب دعمه لكي يستمر وينشط ويبرز محليًا وعربيًا.. أما الملتقيات الأخرى فأنا مع تنوّعها وتعددها، وخصوصًا أن النقد في الرياض، والشعر في جازان، وجدةومكةالمكرمة والقصيم والمدينةالمنورة متنوعة، ولم تثبت على محور أو فن واحد، وكنت أتمنى أن يتخصص الدمام -إبان رئاسة الصديق المليحان- بالقصة القصيرة، لكن الظروف لم تمكنه، ولهذا مازال الأمل موجودًا في تخصص بقية الأندية لأهمية ذلك. دعم أو إعادة دراسة * برأيك هل خدمت الملاحق الثقافية الأدب والفكر والثقافة عمومًا؟ ** طبعًا.. طبعًا، ولها تاريخ ناصع مشرّف، ومازالت تمارس هذا الدور، ومازلنا بحاجة إليها ولدورها الفاعل في هذه الحركة التي توسعت وكبرت وتغيرت، وكل يوم نرى أخبارًا وعطاءً جديدًا، لكن هذه الملاحق توقفت للأسف عند صحف المدينةالمنورة، والجزيرة، والرياض، أما بقية الصحف فقد أصبح الوضع الثقافي في صفحاتها تحصيل حاصل، وأخبار خفيفة تحتل نصف الصفحة لأن الإعلان أهم من الثقافة، لهذا أتمنى أن تتبنى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وتدعم إنشاء مجلة أسبوعية ثقافية، أو تعيد دراسة مجلتها الإعلام والاتصال لتكون ممثلة بحق لصوت الثقافة السعودية. انتشار مسبب * خارطة الأدب السعودي شهدت انفتاحًا مقدرًا كل ألوان الطيف الإبداعي.. فلما لم تصل بعد لعمق شبيه بالذي نراه مثلًا عند الأدب المغاربي واللبناني والمصري؟ ** يجب ألا يتم القياس بالوضع الذي نعيشه ونراه وننتجه بما عاشه من سبقنا زمنًا وتجربة وتعاملًا من المنتج الأدبي، فالحركة الأدبية في السعودية حديثة عهد على عالمنا العربي؛ برغم إن النشر والطباعة بدأت في الخارج، وأرى أن الأسباب التي بدأت بتوسيع دائرة انتشار الأدب السعودي برغم ضجرنا هي: 1- مجيء وعمل عدد كبير من أساتذة الجامعات والعاملين في مختلف المجالات من دول عربية متنوعة، وهم من الأدباء أو الكُتّاب أو النقاد في الأصل، إذ أتيح لهم هنا الاطلاع والمتابعة المباشرة على هذه الحركة، بخلاف من أصبح يدرّس الأدب السعودي، أو يشرف على الرسائل الخاصة به، فهؤلاء نقلوا لبلدانهم ما يرونه هنا. 2- النشر الأدبي خارجيًا بعد أن اتسعت رقعته مع بداية عام 2000م، وخاصة في بيروت التي تنشر نصف ما ننتجه من كتب أدبية، حيث ساهم هذا النشر في اتساع رقعة تلقيه وانتشاره، من خلال التوزيع الخارجي، أما داخليًا فقد أضر بالكتاب السعودي كثيرًا ولم يتجاوز حدوده إلا بعد النشر الخارجي. 3- المهرجانات والملتقيات والمشاركات المتبادلة ساهمت في توزيع الكتاب الأدبي السعودي، من المؤلفين أنفسهم أو من الجهات الرسمية بالإهداء والتبادل أو التوصية. 4- ثم أخيرًا شبكة الإنترنت التي فتحت آفاقًا أمام الكُتّاب والمؤلفين لنشر كتبهم لكل العالم وليس العربي فقط، وقد أتاحت هذه الشبكة تشابك العلاقات والمعارف والصلات الأدبية والثقافية، ومن التجربة الشخصية -مثلًا- أرى أن الفيس بوك وسع دائرة علاقاتي وتواصلي مع عدد كبير من الأدباء في الوطن العربي وخارجه. تسخير إيجابي * الإنترنت بات مسرحًا مهمًا أمام المبدعين.. فكيف ولجت هذا العالم.. وبم خرجت من هذه التجربة؟ ** بدأت التواصل مع الإنترنت عام 1997م، ثم تأكد تعاملي عام 1998م بعد أن وجدت بغيتي في موقع «الراصد» الذي استمرت المحاولات ليكون موقعًا حقيقيًا ملموسًا، واستمر ينمو ويتطور حتى شعرت أني غير قادر أن أتحمل بمفردي إدارته، فتوقفت وانضممت مع الصديق جبير المليحان في شبكة القصة العربية.. وأحمد الله أني لم أخسر شيئًا من خلال تعاملي مع شبكة الإنترنت، لأني أخذت الجانب الإيجابي والنفعي والمفيد، ومازلت كما بدأت أُسخّر هذه الشبكة العالمية للمجال الثقافي والأدبي والعلمي. رقابة ذاتية * برغم ما تقول من إيجابيات لكننا نرى أن بعض المدونات والمواقع الأدبية أصبحت مسرحًا لعبث يسمى زورًا «إبداع»؟ ** أعتقد أنه لا يبقى إلا الصحيح، وكل ما في عالم الانترنت من مواقع عامة أو شخصية، أو مدونات وغيرها لا يمكن أن تُسيء للأدب والإبداع الحقيقي.. لأن كل الذين يستعجلون الشهرة ويريدونها يدخلون بوابات الإنترنت، إذ من خلاله يستطيع أي إنسان أن ينشر لنفسه ما شاء من كتابة أيًا كان مسماها، وهو الرقيب على نفسه، لهذا بمجرد أن تتحوّل كل هذه الكتابات الهائلة والمنتشرة في الفضاء إلى عالم الورق، وتصدر في كتب يتم إصدارها وتداولها فإنها تنتقل إلى الشرعية والمسؤولية والنظامية هذه من جهة، ومن جهة أخرى تصطدم بقبول القارئ والدارس والباحث ومدى التزامها بشروط الإبداع الأدبي، وسيعرف ويكتشف من هو الأديب والمبدع من غيره، وهل ما كتبه يدخل في دائرة الكتابة الأدبية من غيرها. حرية منضبطة * بعامة.. هل ترى أن الفضاء الإلكتروني خدم المثقف وأعطاه هامشًا من الحرية حَرَمُتهُ منه المؤسسات المدنية؟ ** هناك تباين في مفهوم الحرية ومعرفة مساحاتها وآفاقها وموضوعاتها، ولكل إنسان منطلق يجري إليها من خلاله، لهذا أرى أن الوسيلة لا تكفي للتعبير عما يريده الإنسان، ومهما تعددت الطرق لا تُرضي من ينشد الحرية التي يُريدها، لأن الفضاء الالكتروني اتسع لكل البشر ولكل الأطياف، ومنهم من استفاد ومنهم من أساء التعامل مع هذا الفضاء باسم الحرية، والحرية التي أفهمها هي ما تمليه عليه قيمه وأخلاقه ومبادئه وبأي طريقة يبثها. ضد الصمت الإجباري * المرأة السعودية حديثة عهد بالكتابة.. ورغم ذلك سعت بعض منهن إلى الكتابة الفضائحية.. هل هذا النوع من الكتابة انفجار في وجه تاريخ من الكبت لديهن؟ ** طبعًا تقصد أنها حديثة عهد بالانتشار والتوسع وتفشي ظاهرة الكتابة لدى النساء، وليست المرأة نفسها حديثة عهد بالكتابة لأن نجاة خياط وسميرة خاشقجي وسلطانة السديري وغيرهن بدأن بالكتابة والنشر مع بداية الستينيات الميلادية وهي المرحلة الفنية المتكاملة للكتابة الأدبية في السعودية.. أما أن نعلن ونرفع الأصوات ضد المرأة ونصف ما تكتبه بأنها كتابة فضائحية، فأنا ضد هذا المسمى لأنها كتابة أدبية إبداعية، تتحدث في مضامينها عن بعض المشاعر والخلجات والحياة الاجتماعية للمرأة نفسها، بل إن الكاتبة السعودية في ظل هذا الزخم الإنتاجي المتصاعد عبرت عن مكنوناتها وشخصيتها، عن رؤاها وطموحاتها وتطلعاتها، عن معاناتها ومشاكلها، وهي بالفعل انفجرت كالبركان بعد سنوات من الصمت الإجباري، والرضا بما يكتبه الرجل عنها أو يتلبس دورها. انتماء وطني * من أي منظور تقرأ لائحة الأندية الأدبية الجديدة.. ولو قدر لك ترشيح نفسك فأي برنامج انتخابي بيدك؟ ** حقيقة تشكر وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بوزيرنا المبدع المثقف الدكتور عبدالعزيز خوجة بما قام به، وما يطمح القيام به من أجل الثقافة في المملكة، وله مساعٍ كثيرة وكبيرة من أجل نماء وديمومة الحراك الأدبي والثقافي، وأنا على ثقة كبيرة أنه يسعى لأن تكون حركتنا الثقافية مدنية عصرية تنافس من سبقنا وتقدم علينا، ولعل مواقف مليكنا المحبوب الأخيرة هي أكبر دليل على دعم الثقافة في بلادنا، حيث دعمت الوزارة بعشرة ملايين لكل نادٍ أدبي، ثم جاءت قبل أيام مائة وخمسون مليونًا للمكتبات العامة، وهي إثبات لوقفة القيادة مع الثقافة.. وما صدور لائحة الأندية الأدبية بغريب على هذا التطوير والتحديث والنماء، والنظرة لأهمية هذه الأندية التاريخية التي تأسست عام 1395ه لكي يتم الحفاظ على مسيرتها ورسالتها وهدفها؛ إلا أن الفترة الطويلة التي تجاوزت الثلاث سنوات في إعدادها لكي تخرج لنا بلائحة لا نقص ولا زيادة فيها لم تكن كافية!!، ودليل ذلك هذه الأخطاء التي تحاول الوكالة تلافيها بعد تطبيق اللائحة على أندية مكةالمكرمة والجوف وحائل وغيرها، فهل سيتم إصلاح ما تبقى من أخطاء عند تطبيقها على الأندية الأخرى..! أما انضمامي إلى هذه الأندية ودخولي إلى الجمعية العمومية، فأعتقد أنه من الطبيعي أن أكون أول من يبادر بالتسجيل في قوائمها، لأن شعوري وانتمائي بالأندية الأدبية هو انتمائي لوطني، ولإدارة ثقافية أشاركها الهم والنجاح والفشل والحراك، وبفضل الله أشعر أني عضو فاعل مع كل الأندية الأدبية في المملكة، إلا أنه مازال طموحي أن ترتقي إلى أن تكون مؤسسات مدنية، وليست إدارات ثقافية أو أدبية تنتمي إلى وزارة الثقافة والإعلام قلبًا وقالبًا. واقع محزن * أين تقف من ظهور صحف إلكترونية مناطقية ومدى دعمها للأدب والثقافة؟ ** قبل فترة جاء تصريح وزير الثقافة والإعلام أن لدى الوزارة مائتي طلب أو تزيد لإنشاء صحف إلكترونية، ومعنى هذا أننا مقدمون على صحف إلكترونية تصدر من كل مدينة وقرية وليست مناطقية فقط!! الواقع المعاش يفرض نفسه سريعًا، والحياة الإلكترونية تتغير كل ساعة ودقيقة، وإذا لم تتم الاستفادة منها في خدمة الإنسان فأعتقد أنه سيكون العكس، أي الإضرار به وبأخلاقه وسلوكه؛ أما الجانب الثقافي والأدبي فمن المؤسف أن الواقع الإلكتروني محزن جدًّا، وشاهد هذا ما سعى إليه الصديق جبير المليحان من تحويل شبكته إلى عدة نوافذ كان أهمها جريدة القصة العربية!!، فهل أصبحت قبلة ومنارة لكل الأدباء والمثقفين؟، هل دُعمت بالصوت والصورة والخبر والمقالة والكتابة والمتابعة؟، هل هي أول موقع يفتحه كل أديب متصفح للإنترنت؟، طبعًا الإجابة بالرفض لأني لا أرى ذلك أبدًا!. ظاهرة طبيعية * في مشهدنا الثقافي تتكرر أسماء بعينها في الأمسيات والملتقيات الأدبية والمهرجانات وغيرها.. فكيف تنظر إلى هذه الظاهرة؟ ** هي طبيعية في حالة استمرار رئاسة أو إدارة أو إشراف متكرر!، أي يجب ألا نستغرب من تكرار الأسماء في كل مكان لأن الأمر: إذا دعوتني دعوتك، إذا وضعت اسمي وضعت اسمك، رشحني وأُرشحك، وهكذا هي الأساليب والطرق توصل إلى أن الحال طبيعية تمامًا، وأكبر شاهد أن هذه الأسماء تأتي للحضور فقط، وأحيانًا لا تُرى إلا عند الافتتاح وعند الحفل الختامي، أي أنها لا تشارك في أي فعالية، وبعضها يشارك بورقة متجددة صالحة لكل زمان ومكان، فقط تقديم وتبديل كلمة وجملة بدل أخرى وهكذا.