لم يكن العدد «الضئيل» الذي انتهت إليه عملية التسجيل في النادي الثقافي الأدبي بجدة، توطئة لعقد الجمعية العمومية وانتخاب المجلس الجديد المحددة لها يوم السبت 24 ذي القعدة 1432ه، الموافق 22 أكتوبر 2011م، مفاجئًا لمتابعي سير التسجيل في الفترة السابقة منذ الإعلان عنها، حيث بلغ عدد الذين سجلوا (179)، بينهم (35) امرأة، وهو رقم لا يتناسب ومكانة جدة الثقافية، وعدد الأدباء والمثقفين بها.. غير أن هذا الرقم «الضئيل» كان متوقعًا من مظهر النداءات المتكررة التي ظل مجلس إدارة أدبي جدة يرسلها لمثقفي وأدباء جدة بضرورة التسجيل، تداركًا لهذا العزوف الكبير عن عملية التسجيل، وذهب البعض إلى تحميل إدارة النادي الحالية أسباب ذلك، الأمر الذي نفاه الدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس النادي بقوله: لقد تم توجيه الدعوة لكل مثقفي جدة من خلال النادي، والمنتديات الثقافية بجدة، ومن خلال موقع النادي على الإنترنت، بالإضافة إلى مخاطبات شخصية لكثير من المثقفين، كذلك تمت مخاطبة إدارات تعليم البنين والبنات، والجامعات الحكومية والأهلية، وكل المؤسسات الثقافية؛ ولكن مع الأسف كان الإقبال ضعيفًا جدًّا، وهذا دعانا إلى تمديد فترة الترشح لعدة أشهر، ولكن لم يصل عدد المثقفين إلى ما كنا نطمح وهذا يعود إلى المثقفين في جدة. تجربة سخيفة واللافت أن قائمة ال (179) قد خلت من أسماء لها مكانتها في الساحة الثقافية والأدبية بجدة، مما ترك أسئلة حائرة حول أسباب هذا العزوف، ومن بين الأسماء البارزة التي غابت عن قائمة جدة الدكتور عبدالله مناع الذي كشف ل «المدينة» عن موقفه بقوله: أنا لم أتقدم للجمعية العمومية بأدبي جدة بعد التجربة الخائبة التي حصلت في السابق بالنادي؛ حيث وجدت ان من العقل والحكمة ألا أعرّض اسمي وعقلي إلى تجربة سخيفة كتجربتي السابقة.. وصحيح أن التجربة السابقة كانت بالتصويت في اختيار الرئيس والنائب وأمين الصندوق؛ ولكن قطعت عهدًا بألا أعود لنادي جدة. ضد الارتباط وذات موقف العزوف مارسه الكاتب يحيى باجنيد ولكن لسبب آخر غير سبب «منّاع»، حيث يقول: لم أسجل في عمومية جدة لأني أرفض الارتباط، وأحب المساهمة في أي عمل ثقفي وإبداعي بعيدًا عن الرسميات، فأنا أرفض العضوية سواء في النادي أو أي جهة ثقافية أخرى، وأحب أن أتفرغ للكتابة بعيدًا عن الرسميات. تجاهل الدور الوطني موقف «العازفين» عن التسجيل وفق النموذجين السابقين، وغير ذلك من الأسباب الأخرى، لم يجد مكان القبول عند أمين سر نادي جدة الأدبي الثقافي الأسبق والعضو المؤسس محمّد علي قدس الذي يقول: منذ تأسست الأندية الأدبية قبل أكثر من ثلاثين سنة (عام 1395ه)، وهي تمارس، دون أدنى شك، دورها الذي أنشئت وتأسست من أجله، وهو دور وطني وقومي، سواء من حيث تفعيل الأنشطة الأدبية أو العمل على بلورة وتكوين الوعي الثقافي، والعمل على دعم الإبداع الأدبي، أو القيام بدورها الأسمى في التنمية الثقافية، ودفع مسيرة النهضة الأدبية والثقافية في هذا الوطن، لتواكب مسيرة النمو الثقافي والأدبي، والمساهمة في تحقيق أهداف المشروع النهضوي للثقافة العربية..وكان من ضمن ما كنا ندرك أنه من العقبات التي تواجهنا لتحقيق أحد أهم أهداف الأندية التواصل بين الأدباء، لكن غياب الكثير منهم لم يكن له ما يبرره، فقد كان متعمدًا وباصرار، أو لاتخاذ مواقف، أو لخصومات بين الأدباء ورؤساء الأندية وأعضائها، وهذا كان واضحًا منذ رئاسة الأستاذ العوّاد لنادي جدة ومن ثم الأستاذ عبدالفتّاح أبو مدين. مضيفًا: والغائبون أو المبتعدون عن النادي وقصورهم في أداء دورهم الوطني نحو أنديتهم، كأدباء ومثقفين يعون تمامًا أن الأندية لا يمكنها أن تنهض بدورها في غياب الأدباء وابتعادهم عن المشاركة في نشاطاتها، فنحن وإن اختلفنا في مسألة تقويم أداء هذه الأندية، ووضعنا ملاحظاتنا على سلبياتها وأخطائها، لا يمكن قبول هذه الملاحظات والانتقادات من الذين لا يعرفون الطريق إلى النادي. مختتمًا بقوله: كان أستاذنا العوّاد- رحمه الله- يقول ويوافقه رؤساء الأندية الكبار السابقين، أن البعض من الأدباء ينتقد الأندية لأنه يريد أن يكون جزءًا منها في مجالس إدارتها. وأنا أرى اليوم أنه وقد أتيحت لهؤلاء الفرصة في ظل الانتخابات التي تمكنهم من المشاركة في أداء دور الأندية كما يحبون ويتمنون، ولكنهم انصرفوا وتجاهلوا حتى دورهم الوطني في انتخاب أعضاء يرون أنهم مؤهلون لقيادة دفة مسيرة الأندية من خلال انضمامهم للجمعية العمومية للنادي.