كم تنقل فؤادي بين حدائق عشق غناء.. وكم هامت روحي لغيد حسان.. غير أني لم أجد غيرك يا وطني ملاذًا يحميني من غوائل الدهر.. وحوادث الزمان.. لم يشغلني عنك جمال الحسناوات.. ولم تلهني فتنتهن عن حبك والغرام بترابك الطاهر. صباحاتك يا وطني طهر ومساءاتك نور.. تغذيت بحب أبي يرحمه الله لك وأنا بعد طفل صغير حين كان يقول لي: «يا بني هذه الأرض لو دفعت روحك فدىً لها فذلك أقل ما تقدمه لنفسك وأهلك».. وأرضعتني والدتي- يحفظها الله- عشقك مع حليبها وهدهدتها لي وأنا بعد رضيع.. وعندما كبرت كانت تقول في طمأنينة حين أدعوها إلى السفر إلى خارج حدودك: «لا يوجد يا ابني أغلى وأجمل من هذه الأرض». فوق ترابك كانت صرختي الأولى للحياة.. وفي فضائك أطلقت ضحكاتي.. وعلى ثراك خطوت خطواتي الأولى.. نثرت في أرجائك أفراحي.. ولملمت أحزاني.. وداويت جراحاتي.. وحققت فوق ترابك طموحاتي بزاد من خيراتك.. وبين جنباتك مارست كل هواياتي.. فكيف بعد كل هذا لا أعشقك..؟! المجد يا وطني يتباهي في كل أركانك.. فهنا وُلِدَ وترعْرَعَ وعاشَ وبُعِثَ ووُري نبي الهدى عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام.. ومن هنا انبثق نور الإيمان الذي عم الأركان.. ومن هنا خرجت رسل السلام لتهدي البشرية أعظم دين وأنقى تعاليم. لك يتجه المسلمون من كل أركان الدنيا لعبادة الله.. وإلى أرضك الطاهرة يحجون.. قلوبهم بك متعلقة.. وأفئدتهم لمقدساتك متشوقة.. فعن أي فخر لغير فخرك يشيرون..؟! وبأي عز غير عزك يتباهون..؟! لا فخر يا وطني إلا لك.. فأنت تاج بين الأوطان.. ورمز عز أتباهى به بين الشعوب.. ورداء شموخ أرتديه في كل مكان وعلى مدى الأزمان. عشت يا وطن العز شامخًا رغم أنف المتربصين.. ودمت أبيًّا على مدى الزمان غصبًا عن الخاسئين.. وخلدت ما خلدت الأيام.