بالرغم من رخص قيمة الأحذية وتوفرها في متناول الجميع، إلا أن ذلك لم يجعل مهنة الإسكافي تندثر في جدة، بل شجعها ذلك على خدمة الزبائن في وقت وجيز، وبشكل يجعلها أكثر صمودا من ذي قبل. وتهتم مهنة الإسكافي بحياكة الأحذية وإعادة إصلاحها بما يساعدها على الوقوف في وجه عوامل الزمن، والتغلب على بعض العيوب الطارئة. «المدينة» التقت بعض الإسكافية، الذين مازالوا يمارسون تلك المهنة القديمة، رغم تراجع الاعتماد عليها كثيرا في السنوات الأخيرة. يقول محمد حسين (50 عاما) وهو يعمل صانعا ومصلحا للأحذية منذ أكثر من ثلاثة عقود: لم تمنعنا رخص الأحذية عن الاستمرار في هذه الصنعة التي ورثناها نحن الأفغان عن آبائنا وأجدادنا، من أجل الحفاظ عليها أطول فترة ممكنة. وأضاف: بعض الزبائن يأتون بأحذية مهترئة وتكون عملية إصلاحها شاقة للغاية، ولكنني لا أجبرهم على إصلاحها، ولكنهم يأتون برغبتهم، ففي بعض الأوقات يغيرون من قناعاتهم إذا دخلوا المحل ويقومون بشراء أخرى جديدة. خدمة سريعة وأشار الإسكافي الشاب جاويد عبدالمنان (20 عاما) والذي يمارس المهنة منذ سنتين، إلى أن كثرة وانتشار محال الأحذية الجاهزة المجاورة لورشته في وسط البلد جعلته يقوم بخدمة الزبون في أسرع وقت ممكن والتفنن بحياكة الأحذية، فبعض الزبائن يتقطع حذاؤه أثناء تجواله في السوق، فإذا لم ألبِّ رغبته سيقوم بشراء أخرى جديدة من المحال المجاورة، والتي تتفاوت أدناها بين العشرين والخمسين ريالا، لذلك تجدني حريصا على استقبال الزبون بالبشاشة وإصلاح حذائه فوريا. أما من ناحية الأسعار فيقول: سعر الخياطة الكاملة للزوج الواحد من الحذاء يقدر بخمسة إلى عشرة ريالات. أحذية متراكمة ويعاني الإسكافي محمد عبدالعظيم (56 عاما) من تكدس الأحذية التي يقوم بإصلاحها ولا يأتي أصحابها لأخذها، حيث مضى على بعضها حوالى ثلاث سنوات، حيث يقول: بعض الزبائن يأتون لإصلاح أحذيتهم، وما إن يأتي موعد التسليم حتى أتفاجأ بعدم مجيئهم لاستلامها، حتى مضت 3سنوات على بعضها، مما جعلني أضعها في صندوق خاص على أمل أن يأتوا ولو بعد حين، خصوصا أنني بذلت جهدي ووقتي لإصلاحها. الحفاظ على المهنة وأشار محمد إلى أنه حرص على تعليم أبنائه الثلاثة هذه المهنة، وذلك تحسبا لظروف الزمن، ويضيف: بالرغم من أن أبنائي يدرسون هنا في جدة إلا أنني أحرص أن يكونوا بجواري في أوقات فراغهم ليزدادوا خبرة ويتمرسوا في المهنة، خاصة مع عزوف بعض أبناء الإسكافيين في جدة. أدوات الإسكافي وتتكون أداوت الإسكافي غالبا من بكرة خيوط وإبر ذات حجم كبير ومطرقة وسندان وغراء وعلبة مسامير، وهي مخصصة للزبائن الذين يفضلون إصلاح أحذيتهم بدق المسامير بدلا من خياطتها، إضافة إلى قطعة قماش نظيفة، لتنظيف الحذاء وتلميعه بعد إصلاحه.