لا يتوقف النشاط التعليمي والثقافي والدعوي في الجامعة الإسلامية عند حد، ولا ينتهي عند مرحلة، ففي حين تفتح ذراعيها لأبنائها الطلاب من مختلف أقطار العالم، ومن جميع القارات، وتهيئ لهم فرصة التعليم الثمينة في مختلف المراحل البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراة، ليعودوا إلى أوطانهم دعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولينشروا قيم الاعتدال والوسطية والتسامح التي اقتبسوها خلال دراستهم في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى مناهجها ساروا. وفي أحضان الجامعة الإسلامية يظل طلاب العلم في موعد دائم مع برنامج لا يتوقف من الأنشطة الثقافية والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والأمسيات الأدبية، فكل أسبوع لا يخلو من نشاط ثقافي يحتفل به طلاب الجامعة، وأبناء طيبة الطيبة ومثقفوها ومفكروها، وكل ما قال قائل: سيتوقف هذا النشاط الثقافي - الذي امتد عطاؤه منذ سنوات - عند حد فإذا به تزداد شعلته وميضًا، ويذكي جذوته ذلك النبع المعطاء الذي يفيض على طلاب العلم سيلا متدفقا من المعرفة والثقافة والفكر. أما صيف الجامعة الإسلامية فليس فيه ركود أو توقف عن النشاط الدعوي والثقافي، إذ تقيم فيه الجامعة دورات تعليمية في اللغة العربية والثقافة الإسلامية في أنحاء مختلفة من العالم، وتلتقي بخريجيها، وتستقطب أعدادًا طيبة من أبناء العالم الإسلامي الذين شاركوا في تلك الدورات وتفوقوا فيها ليأتي جيل جديد ويتخرج بعده جيل، والجامعة تظل تتواصل معهم حتى بعد تخرجهم عن طريق (عمادة الخريجين). وبالأمس القريب أتيحت لي فرصة المشاركة في إحدى تلك الدورات الصيفية التي تقيمها الجامعة، وكانت بالتحديد في (جمهورية نيجيريا الاتحادية)، ومنذ وصول البعثة إلى مطار مدينة (كانو) كان الترحاب وحفاوة الاستقبال والفرحة بإقامة الدورة في تلك الولاية يكسو الوجوه، بينما كان أبناء ولايات أخرى ينتظرون بشوق تلك البعثة التعليمية، ليقيموا دورات مماثلة في ولايات (بوتشي) و(إلورن) و(سكوتو). أربع دورات تعليمية تقام في شمال وجنوب نيجيريا في وقت واحد، وتضم بين جنباتها أكثر من ألف ومائتي طالب قدموا للالتحاق بهذه الدورات. لقد ارتسمت في هذه الأنشطة الدعوية كثير من صور التواصل بين الجامعة الإسلامية وبين أبناء العالم الإسلامي الذين لم يصلوا إلى الجامعة، ولكنها وصلت إليهم، وقدمت لهم رسالة الجامعة، وهدفها النبيل في نشر الثقافة الإسلامية الأصيلة في مختلف ارجاء العالم، ولا غرابة في ذلك فأبناؤها الطلاب الذين يقعدون على مقاعد الدراسة هم من مختلف أرجاء المعمورة، إذ ينتسبون إلى أكثر من 160 دولة في العالم، ولذا استحقت أن تكون هي الجامعة (التي لا تغيب عنها الشمس). وأمام هذه النشاطات العلمية والثقافية المتواصلة، والندوات، والمؤتمرات المتوالية التي تنعقد في رحاب الجامعة الإسلامية فإن الملتمس لسر هذا الإبداع والانجاز لن يبتعد به بصره وفكره عن تلك الإدارة الناجحة الموفقة التي نقلت الجامعة من المحلية إلى العالمية، وحولت أنشطتها الثقافية من الركود إلى النهوض والازدهار والتألق بشهادة الجميع. إنها الإدارة التي يقودها الرجل الذي جمع في قلبه - منذ أول وهلة قدم فيها إلى المدينةالمنورة - بين حبين حب طيبة الطيبة منار الإسلام الأولى، وحب الجامعة الإسلامية، إنه معالي الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا الذي يقود الجامعة من نجاح إلى نجاح. فهنيئًا للمثقفين والمفكرين وطلاب العلم تلك الانجازات التي تحققها الجامعة الإسلامية المباركة، ومزيدا من النجاحات.