تتضاعف مسؤوليات الجامعات الاسلامية في غرب افريقيا وتحديدا في دولة نيجيريا والتي تحتضن عشرات الجامعات الحكومية والأهلية بينها اربع جامعات فقط اسلامية وتستقبل سنويا الآلاف من الطلاب لتلقي مختلف العلوم والمعارف في رحاب الجامعات الاسلامية حيث تتميز الجامعات الاسلامية عن غيرها من الجامعات الأخرى بالتزامها بالاخلاق الاسلامية السمحة في التعليم والتعامل مع الطلاب والطالبات، ويؤكد مساعد مدير جامعة الحكمة في مدينة لورن بولاية كوارا بنيجيريا الدكتور محمد بن عبدالرحمن بن محمد صالح ان اقبال الطلاب على التسجيل بالجامعة يتضاعف سنويا وتحتضن الجامعة حاليا 1070 طالبا وطالبة وهي لم تتجاوز العام الخامس على انشائها. الحوار مع الدكتور محمد تناول التعليم العالي في غرب افريقيا والدور المطلوب من الجامعات الإسلامية في قارة افريقيا. . في البدء نود التحدث عن اهداف الندوة من انشاء جامعة الحكمة في غرب افريقيا؟ .. أنشئت جامعة الحكمة لتكون جامعةً رائدة بين الجامعات الأهلية الخاصة بنيجيريا، ودول غرب أفريقيا و تقدم التعليم الجامعي المتميز المنضبط بروح الإسلام في تلك المنطقة، على ضوء المعايير الدولية للنظم الجامعية في العالم، وتهيئة الكفاءات المسلمة بتأهيل عالٍ، وتنمية المجتمع المسلم بزيادة فرص التعليم العالي، و إيجاد فرصة للشباب المسلم الراغب في معرفة الثقافة الإسلامية، نظراً لانتشار الجامعات ذات الطابع العقائدي الكنسي المنافسة والتي تقدم التعليم الجامعي لأبناء المسلمين، ومن جهةٍ أخرى المساهمة في تنمية المنطقة من خلال البحث العلمي والتطبيق والتعاون مع الجهات المعنية بالتأهيل والتدريب والتنمية البشرية والتي تعد أحد ركائز النمو والتطور في أي مجتمع. . في ضوء هذه الأهداف ما هي الكليات التي تضمها الجامعة وما تخصصاتها؟ .. لدينا حالياً ثلاث كليات، وهي كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وبها قسم اللغة العربية وقسم اللغة الإنجليزية وقسم التاريخ والدراسات الدولية وقسم الدراسات الإسلامية والإعلام والإتصال الجماهيري، وقسم العلوم السياسية وحل النزاعات، ثانياً- كلية العلوم الإدارية، وبها قسم المحاسبة والبنوك والإدارة المالية وإدارة الأعمال والإقتصاد والتسويق، ثالثاً- كلية العلوم الطبيعية، وبها قسم الأحياء والكيمياء الحيوية والكيمياء وعلوم الكمبيوتر والجيولوجيا وعلوم الأرض والكيمياء الصناعية والرياضيات والأحياء الدقيقة والفيزياء والإحصاء. . ما شروطكم لاختيار المعلمين بالجامعة؟ .. الدولة لها شروطها المقننة، والجامعة كذلك لديها شروطها، فالدولة تشترط قبول مساعد التدريس، ومحاضر أول ومحاضر ثان، وبعد ذلك تأتي وظائف الأساتذة، ونحن لدينا شروط كمستوى الإلتزام الديني والإنضباط ويكون لديه دكتوراه أو ماجستير. . كم يبلغ عدد المحاضرين بالجامعة وعدد الطلاب؟ .. عدد المحاضرين الدائمين (61) والمتعاونين (11) والجميع (72) وغالبيتهم نيجيريين، ونسعى حالياً لاستقدام أساتذة من الهند، متخصصين في الحاسب الآلي، ليدرسوا في كلية العلوم وبعض التخصصات العلمية، أما إجمالي الطلاب فعددهم (1070) والفتيات (444) .هل تقبلون طلاباً غير مسلمين؟ .. نيجيريا بلد مسلم وتعداد المسلمين فيها 70% والباقي نصارى ولا دينيين، والجامعة تفتح أبوابها للجميع، منذ قيامها منذ أربع سنوات، ويوجد طلاب مسلمين وغير مسلمين، بل قد تعجب أن أحد الآباء المسيحيين قد جاء بابنته للدارسة لدينا وقال لي: إنني سأطمئن عليها حين تدرس لديكم، حتى المدرسين بعضهم غير مسلم. . ولماذا قبلتم معلمين غير مسلمين؟ .. يكون ذلك في بعض التخصصات التي نحتاجها شريطة الإنضباط والإلتزام بشروط وقيم الجامعة، وعدد المعلمين غير المسلمين (2) فقط، أحدهما يدرس الإقتصاد والآخر يدرس في علوم الحاسب الآلي. .نسمع عن الأعداد الكبيرة للجامعات التنصيرية في نيجيريا فكم عددها؟ .. الجامعات الإسلامية الخاصة (4) جامعات فقط من أصل (36) جامعة خاصة، والباقي كله ملكٌ للجامعات الكنسية ومعظمها بأسماء الكنائس نفسها وهي مقارنةً ضئيلة لا تذكر (32)مقابل (4). . من خلال هذه الإحصائية هل تعتبر خطوة إنشاء جامعة الحكمة خطوة متأخرة، خصوصاً مع وجود بعض الجامعات الكنسية منذ السبعينات؟ .. أحسب ذلك، كما أننا أول جامعة خاصة تنشأ في نيجيريا قبل الجامعات الأربع المذكورة. . أيمكن للجامعات الكنسية أن تفعل مثلكم، فيقبلون معلمين غير مسيحيين؟ .. الجامعات الكنسية لا تقبل معلمين غير مسيحيين، ولو قبلت محاضراً مسلماً فيكون ذلك في أحد التخصصات التي لم يستطيعوا توفيرها، وحينما يتعاقدون معه يشترطون في عقدهم -وهذا ما قرأته بنفسي-، أن يحضر القداس الصباحي للجامعة قبل دخول الفصول. . هناك دول عديدة تحتاج للتعليم الجامعي فلماذا نيجيريا بالتحديد؟ .. نيجيريا دولة محورية من خلال موقعها، ويأوي إليها معظم أبناء الدول المجاورة لها في أفريقيا لتلقي التعليم في جامعاتها المنتشرة، ومن ثم كانت أنسب الدول التي تقام فيها هذه الجامعة، لخدمة قطاع كبير ومتنوع من الشباب في التعليم الجامعي. . تتحدثون أن من أهداف الجامعة العودة بالمجتمع للثوابت الإسلامية، فهل تتلمسون ثمرة ما تقدمه الجامعة في الطلاب والدارسين؟ .. نجد تغيراً هائلاً، لقد جاءني أحد أولياء الأمور لأحد الطلاب بعد مضي عام من دراسة ولده،وقال لي : أشكركم جداً لأن ولدي تحول لشخصٍ آخر، لقد تغيرت سلوكياته تماماً، وكان لا يصلي وحينما أسأل عنه الآن يقولون لي يصلي في المسجد،..فالتغير كبيرٍ وملموس، والطلاب حقيقةً يأتون من خلفيات اجتماعية سيئةٍ جداً فيحدث لهم تغير فائق مما نقدمه، لهم من برامج تربوية، حتى الفتيات صرن ملتزماتٍ بالحجاب، وحدثني أحد التجار بقوله، عندما نجد فتاةً ترتدي الحجاب، نعرفها ونقول إنها من طالبات جامعة الحكمة. .ربما يؤدي دراسة المواد الإدارية في كلية العلوم أو العلوم الإدارية، إلى بُعد الطلاب عن دراسة الثقافة الإسلامية، وهو ما يبدو بعيداً عن أهداف الجامعة؟ .. لدينا مادتين أثناء الدراسة على مدار الأربع سنوات، يدرس الطالب خلالها الثقافة الإسلامية واللغة العربية، ودراستهما إجبارية، ويدرسهما المسلمين والمسيحيين، وبعض الطلاب المجتهدين يستطيعون التكلم بالعربية من خلال دراستهم لها بالجامعة. . قد يتأثر الطلاب المسيحيين بدراستهم للثقافة الإسلامية، فهل حدث شيءٌ من هذا؟ .. حدث ذلك بالفعل فقد أسلمت طالبة مسيحية وحينما سألتها ما الذي دعاك للإسلام، هل ضغط عليكِ أحد ما، أو شعرتِ بأن الطلاب المسلمين يحظون باهتمامٍ أكثر؟! فقالت أبداً، ولكني حينما حضرت المادة العامة في التعريف بالإسلام، بالإضافة لعلاقتي بأصدقائي في السكن الجامعي ورأيت النظام الأخلاقي في الجامعة شعرت برغبةٍ في الإسلام، وكانت أول طالبة غير مسلمة تقبلها الجامعة، وتسمت بعد ذلك بعائشة.. وأذكر كذلك حينما سُئل أحد الطلاب المسيحيين عن مميزات الجامعة من أحد الصحافيين فقال إن ما تتميز به السمت الأخلاقي الراقي الذي يتمتع به الطلاب والمعلمين، كما أن الجامعة تتحول إلى مدينة وقت الصلاة. . هل تدفعكم هذه النتائج السلوكية الجيدة للتركيز بقوةٍ عل البرامج التربوية؟ .. نعم فلدينا لجنة عليا للنشاط وبها لجان فرعية ثقافية واجتماعية ورياضية ودعوية، وقسمنا الطلاب لمجموعات تربوية لكل منها مشرف يجلس مع الطلاب مرةً كل أسبوعين يتابع أحوالهم وسلوكياتهم ويعالج فيهم بعض السلبيات والعادات الخاطئة، كما نعنى بتحفيظ القرآن والدورات والرحلات، ونفس البرامج نتابعهم بها في السكن الطلابي. . النجاح التربوي شيء تحمدون عليه، ولكن ماذا عن التفوق الدراسي ومستوى الطلاب، وهل يستوعبون ما يدرسون؟ .. في بداية إنشاء الندوة للجامعة، قلنا إما أن تكون جامعة أو لا تكون، وانطلقنا لنبحث عن الأفضل، مما أدى لارتفاع مستوى الطلاب، وتفوقهم ثقافياً، مما دفع الأكثرية للإقبال علينا. . بعد مرور 4 سنوات من إنشاء الجامعة، كيف ترى الإقبال عليها، أيزيد أم ينقص؟ .. كل سنة تزيد نسبة القبول والتقديم في الجامعة للضعف، وفي هذا العام رفضنا بعض الطلاب نظراً لعدم السعة لدينا، ففي قسم الإقتصاد وإدارة الأعمال وقسم المحاسبة وقسم البنوك والإدارة المالية، يقبل الطلاب عليها بصورةٍ متزايدة. . لاحظت من خلال الصور المرفقة معكم وجود مكتبة، فما دورها الثقافي لدى الطلاب والباحثين؟ .. تعد مكتبة الجامعة مرجعاً مهماً للباحثين في مجال اللغة العربية والدراسات الإسلامية، حيث يأتي الباحثين من شمال نيجيريا من مسافة (9) ساعات يقطعونها في سفرهم، ليستعينوا بما لدى مكتبة الجامعة من مراجع في مجال اللغة العربية والدراسات الإسلامية، كما يوجد بها كتب علمية ولكنها لا تزال تحتاج إلى المزيد منها. . حدثنا عن رؤيتك المستقبلية للجامعة؟ .. الجامعة تحقق إنجازات طيبة وفي المستقبل ستحقق المزيد من النجاح، ولها تميزها الواضح والمعروف، حيث اختارها الإتحاد العام للطلبة النيجيريين كأفضل مؤسسة تعليمية عالية للعام 2008م، وتم اختيار مدير الجامعة واختياري كنائب مدير الجامعة، والدكتور عويش الحربي عضو مجلس الأمناء بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، وممثل ملاك الجامعة، لمنحنا لقب أبطال نيجيريا، لخدماتنا في مجال التعليم، وكان لهذا التميز صداه الجيد في الصحافة والإعلام. . برأيك ما سبب هذا التميز والنجاح؟ .. أسبابه كثيرة وأهمها الضبط الإداري والكادر الأكاديمي الجيد من المدرسين والمحاضرين. . لكل عمل في بدايته عقبات تواجهه، فما العوائق التي تقابلكم؟ .. هناك عوائق كثيرة ولكن أكبرها، العائق المادي، فلا تزال الجامعة تعتمد على التبرعات، وكثيرٍ من الطموحات التي نرتئيها لا نستطيع القيام بها وتنفيذها، في ضوء الضعف المادي، وما تجمعه الجامعة من الرسوم لا يغطي سوى 40% فقط من ميزانية تشغيلها. . كيف تثمن جهود الندوة في تشييد تلك الجامعة؟ .. الجامعة عمل ضخم وأعده من مشاريع الندوة المركزية التي ينبغي فعلا أن نركز عليها، فالندوة بتخصصها في الجانب الشبابي، يجب أن تركز على التعليم، سواءً في التعليم الثانوي والجامعي، لأن الشباب في ذلك التوقيت في عمر الإعداد الحقيقي من حيث التكوين الشخصي والنفسي، وأتصور أن مثل هذه المشاريع الضخمة هي الإعداد الحقيقي للقيادات الشبابية.