يردد البعض منا سؤالًا يثير الدهشة ويطلق علامات الاستفهام، وهو: لماذا العامل المقيم الذي يعيش بيننا سائقًا أو خادمًا أو مزارعًا أو بأي مهنة أخرى يختلف في التزامه بالنظام وانضباطه ومراعاة التعليمات الرسمية 180 درجة عن زميله في دول الخليج المجاورة. قلت ولِمَ العجب، فرحم الله القائل:- إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص وقد يقول قائل: وما ذاك وماذا تعني بذاك، فأقول لننظر لبعض التصرفات من حولنا لنعرف السبب في استهتار بعض المقيمين بالأنظمة:- • الطائرة تكاد تقلع والمضيف يطلب من جميع الركاب إطفاء كل الأجهزة الإلكترونية كمتطلب هام وأساس للسلامة الجوية وأن عدم الاستجابة لذلك يعتبر مخالفة يعاقب عليها النظام ورغم ذلك تجد أحدنا يصر على استخدام الهاتف وكأنه أشهر بليونير في العالم ولا يستطيع ترك أعماله التجارية خلفه ويا ويل المضيفة الأجنبية لو طلبت منه إطفاء الجوال، وإذا نظرت لهذا الراكب رأيت سيماء الوقار تعلو وجهه وهو ليس بشاب غر، ولكن ماذا تسمي تصرفه؟ غير الاستهتار وعدم احترام النظام؟! • وهناك عشرات منّا يقدّمون كامل فروض الولاء والطاعة المرورية وهم يمرون أمام كاميرات النظام المروري ساهر، ثم تراهم يسابقون الريح منطلقين بسرعة صواريخ أرض - أرض بعد تجاوز تلك الكاميرات، بل ويستخدمون أكتاف الطريق بكل جرأة ووقاحة.. ماذا نسمي ذلك؟! - هل نكمل أمثلة على مدى التزام بعضنا بالأنظمة.. • أدخل إلى أي مطعم أو بنك أو إدارة حكومية، وانظر إلى المراجعين أو الزبائن، هل تراهم ملتزمين بنظام الطابور أو (السِرا)؟! وإن التزموا فكم نسبة الملتزمين منهم؟! • إذا صعدنا إلى طائرة مسافرة خاصة على طيراننا المحلي انظر كم نستغرق من الوقت ليستقر كلٌّ منّا على مقعده المحدد له سلفًا؛ لأن الكثير منّا لا يلتزم بهذا المقعد المحدد له مسبقًا، ويحاول أن ينتقل من هنا إلى هناك. • قُدْ سيارتك في أي مشوار لك داخل مدننا الجميلة، وانظر كم ترتكب من مخالفات مرورية كل دقيقة أمامك ومن خلفك وعن يمينك ويسارك، تجاوز للسرعات المحددة وقطع للإشارة الحمراء، وعدم احترام حق المشاة، والالتفاف من أقصى اليمين لليسار، وعدم الالتزام بمفهوم الخطوط الصفراء والبيضاء على الإسفلت، والوقوف في الأماكن الممنوعة، وذلك كله غيض من فيض استهتارنا بالأنظمة المرورية، الذي نلام نحن فيه وليس إدارات المرور، ويشترك في عدم احترام الأنظمة المرورية المواطن والمقيم والصغير والكبير، والجاهل والمتعلم إلا من رحم الله عز وجل. إذًا هل عرفنا سبب عدم احترام المقيم بيننا للأنظمة!؟ بكل بساطة إنه نحن، فنحن المستهترون بالأنظمة، المتجاوزون لها، فجرّأنا الآخرين على ذلك. وهل بعد كل ذلك، نحن مجتمع يحتاج إلى العصا، بدلًا من الجزرة لتطبيق النظام؟! وهل هناك بيننا نسبة كبيرة تحتاج للسُنى بدلًا من الحسنى، وهل لا بد من اتباع القول المشهور: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؟! يبدو أن المشوار ما زال أمامنا طويلًا ليوصف مجتمعنا بأنه مجتمع نظامي، وملتزم بالأنظمة والقوانين عامة في حياتنا اليومية، وليكون مضرب المثل في ذلك. هذا الأمر يجب أن ننظر له بكل عقلانية بعيدًا عن العاطفة، حتى نتلافى الكثير من السلبيات في حياتنا اليومية.. والله المستعان. [email protected]