تشكو المؤسسات الثقافية من قلة الجمهور الذي يحضر الفعاليات في الملتقيات الثقافية والأندية الأدبية والمهرجانات والمؤتمرات العلمية، وقد تأكد هذا في الأعوام الأخيرة بشكل لم يسبق له مثيل، بل إن بعض الأندية صرحت في أكثر من مناسبة بهذه المعاناة، حيث إن بعض الضيوف من كبار العلماء أو مشاهير الأدباء أو المثقفين البارزين ومع ذلك فإن عدد الحضور يقتصر على أعضاء المؤسسة التي تقيم الفعالية الثقافية ومجموعة من مرافقي الضيف وأصدقائه، وهذا الزهد في حضور الفعاليات الثقافية أنسحب على المؤتمرات والمهرجانات، فقد يكثر الضيوف ولكنهم يفضلون اللقاءات الفردية والجانبية في بهو الفندق أو خارج القاعة أو البقاء في غرفهم ويكتفون فقط بحضور حفل الافتتاح دون أن يحضروا بقية الفعاليات ليغادروا مع غيرهم وهم يتحدثون عن هذا المؤتمر أو الملتقى وكأنهم قد حضروا كل جلساته واستمعوا إلى جميع المشاركين في فعالياته، ومع أن الثقافة لم تعد جاذبة بما يكفي ومع أن التشبع والملل قد سرى في مفاصل الحياة من أنواع كثيرة من المحاضرات والندوات والأمسيات إلاّ أن مسؤولية المثقف اليوم في المشاركة والتطوير يجب ألا تغيب في ظلّ ما تمور به الساحة اليوم من رغبة حقيقية في الارتقاء بالمعرفة والفكر والإبداع. وإذا كانت قنوات التواصل الاجتماعي اليوم قد وفّرت الكثير والكثير للمجتمع بحيث يستطيع أي أحد أن يتابع ويطلع على أية فعالية في مؤتمر، أو ندوة فإن ذلك ينبغي ألا يفقد المؤسسات الثقافية دورها في كونها مؤسسات جاذبة تحث على التفاعل والمشاركة خلال الأنشطة الثقافية وعليها أن تعالج مثل هذه الأمور لكيلا يأتي عليها زمن توجه فيه الدعوة للضيف، وتطلب منه أن يأتي معه بجمهوره.