إن مهمة وزارة العمل الأولى هي وضع الخطط والاستراتيجيات كافة لتوظيف السعوديين وإحلالهم محل العمالة الوافدة التي تبلغ، وفق تأكيد وزير العمل المهندس عادل فقيه، 8 ملايين عامل وافد (6 ملايين في القطاع الخاص)، بلغت حوالاتهم إلى بلدانهم الأصلية، وفق إحصاءات مؤسسة النقد السعودي، 98 مليار ريال سنويًا! ورغم تشكيك البعض في هذا الرقم واعتقادهم أن تحويلات العمالة الوافدة تتجاوز هذا الرقم بمراحل، فإنه يبقى رقمًا مهولًا ينبغي التعامل معه بشكل لا يُبخس حق العمالة الوافدة، ولا يؤثر سلبًا على الاقتصاد السعودي. ولعل البداية هي في النظر إلى حجم العمالة الوافدة وتزايدها بشكل ملحوظ. فإذا كان اللوم يقع على القطاع الخاص الذي يوظف 6 ملايين وافد، أغلبهم كما أعتقد يعملون في البيوت كخدم وسائقين، فإن اللوم الأكبر يقع على القطاعات الحكومية التي تُشغل ما يوازي 2 مليون عامل وافد في المؤسسات العامة. في الوقت الذي تتحرك جهات حكومية لتسريع توظيف الخريجين الجامعيين، كشف تقرير حديث لوزارة الخدمة المدنية، كما جاء في جريدة الوطن أخيرًا، أن 70 ألف أجنبي عملوا في الوظائف الحكومية خلال العام المنصرم، بينهم 48 ألفًا يحملون شهادة الابتدائية و13 ألفًا من الرجال والنساء يعملون بشهادة دبلوم بعد الثانوية، في حين حصل نحو 26 ألفًا من الجامعيين من غير السعوديين على وظائف في قطاعات الدولة. وأشار التقرير الإحصائي، في قراءة تشريحية، إلى أن عدد حاملي شهادة الدكتوراة من غير السعوديين العاملين في قطاعات الدولة وصل إلى 9 آلاف موظف، أما حاملو شهادة الماجستير فوصلوا إلى نحو 6 آلاف موظف موزعين ما بين ذكور وإناث. وبالمقارنة فإن أعداد السعوديين العاملين في الوظائف الحكومية بدرجة الماجستير لم تتجاوز السبعة آلاف موظف و2840 موظفة، فيما يعمل 7783 من السعوديين بدرجة الدكتوراة، و2608 من الإناث بالشهادة ذاتها. إن توظيف هذا الحجم المهول من العمالة الوافدة في القطاعات الحكومية في ضوء تزايد حجم البطالة بين السعوديين لا يتناسب مع خطط الدولة للقضاء على البطالة ولا مع سياسات الإحلال التي تتبناها وزارة العمل. فإذا كان هناك ضرورة للاحتفاظ بالكفاءات العلمية والإدارية في بعض الوظائف الحكومية، فإن توظيف العمالة الوافدة في وظائف يمكن أن يشغلها السعوديون هو عمل لا مسؤول. لكن الطامة الكبرى هي تلك المعاملة المميزة التي تحظى بها العمالة الوافدة في بعض المؤسسات. وهذا ما سنتطرق إليه غدا إن شاء الله.