لا يمكن النظر إلى قيام المتطرفين الصهاينة فجر أمس بإضرام النيران بمسجد «النور» في قرية طوبا زنغرية في الجليل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، وقيامهم بكتابة عبارات عنصرية وانتقامية بغير معناه الواضح والمباشر بأنه عمل إجرامي وإرهابي غير مسؤول يعكس مدى التطرف والعنصرية التي أصبحت تشكل السمة البارزة لحكومة بنيامين نتنياهو، إلى جانب اتضاح الدوافع الخبيثة من وراء هكذا عمل، وهو تدشين مرحلة من الاستفزازات الموجهة لعرب 1948 إيذانًا بتطبيق المشروع الصهيوني في مرحلته الأخيرة الذي يهدف إلى تحويل إسرائيل إلى دولة يهودية، ضمن رسالة يعمل أولئك المتطرفون على حملها إلى المفاوض الفلسطيني بأن إسرائيل ماضية قدمًا في مشروعها لتحقيق مفهوم الدولة اليهودية إن لم يكن بالمفاوضات فإنه بالقوة من خلال هذه الاستفزازات المتوقع أن تزداد وتيرتها وتتسع دوائرها في الفترة القادمة، لا سيما في ظل الحقيقة بأن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، إلى جانب تزامنه مع اقتحام عشرات المغتصبين المتطرفين الصهاينة ساحات المسجد الأقصى المبارك وسط حراسةٍ من جيش الاحتلال الصهيوني، مرددين شعارات تلمودية. فإذا أضفنا إلى ذلك قرار حكومة نتنياهو بناء 1100 وحدة استيطانية جديدة في القدسالشرقية قبل بضعة أيام سنجد أننا أمام مسلسل واضح المعالم يهدف في سقفه النهائي إلى تهويد الأرض والإنسان وتدمير المقدسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 التي أقيمت إسرائيل عليها، وتلك المحتلة سنة 67 والتي لم تعد تخف إسرائيل الاحتفاظ بها مع إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين الذين يعيشون فوقها، دون أن يشمل هذا الحكم الذاتي تلك الأراضي التي ستظل تحت تصرف المتطرفين الصهاينة للبناء الاستيطاني فوقها كما يحلو لهم. إذا أردنا أن نسمي الأسماء بمسمياتها، فإن ما يتعرض له الفلسطينيون من حملات لاستفزاز مشاعرهم الدينية من خلال إحراق المساجد واقتحام المسجد الأقصى ومحاولة تدميره، إلى جانب الاعتداءات الدارجة من اغتيال واعتقال وتوقيف وتعذيب وحصار، هو بالمطلق إرهاب دولة وانتهاك سافر للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان وتعصب أعمى لا ينبغي السكوت عليه، وبما يضعه في إطار المسؤولية الدولية، الأخلاقية والقانونية، التي تفرض على المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات الحاسمة التي من شأنها وقف تلك الانتهاكات والتجاوزات.