لا شك أن ذروة المواطنة هي لدى أولئك الأشخاص المسكونين بالإصلاح. فهو همّ كبير متجدد لا يحمله إلا المضحّون من أجل وطنهم ومواطنيهم. وقد يكون الإصلاح لدى من يحمله مخلصاً ولكن طاقته محدودة لا تستطيعه. لذا جاء في محكم التنزيل قول الله تعالى على لسان نبيه شعيب ( إن إريد إلا الإصلاح ما استطعت) فمهما كانت النوايا حسنة فقد تُعجز المرءَ القدرةُ الكاملة، ولكنه مطالب – على الأقل –بشرف الإنجاز على مستوى القدرة الممكنة المستطاعة. والإصلاح عملية تراكمية صعبة التحقيق. ففي المفاهيم والقناعات والعادات هناك المتاريس العظيمة من سلاسل المثبطات، والحواجز الموصدة، والعقول المتصلبة، والقناعات التي لا ترى بنور البصيرة في الفجر الجديد. إنها انكفاء المرء على نفسه خشية التغيير. تزاحمت تلك الأفكار ببالي وأنا أقرأ كتاب «الإصلاح .. آمال وطموحات» للصديق الكريم معالي الدكتور سهيل بن حسن قاضي فقد أورد فيه صوراً (بانورامية) مختلفة تعكس الآمال والهواجس التي تشغل فكر المصلحين وطاقاتهم. ويا لها من مجالات واسعة وطموحات كثيرة وكبيرة. فنجد منها صوراً إصلاحية متعددة في: مفاهيم التلاحم الوطني، ونظام التعليم، ومخرجات الجامعات، ونبذ الغلو والتطرف، والقبلية، ومكافحة الفقر، والنظام الاقتصادي، والانفتاح على العالم، والاستفادة من تجارب الآخرين وغير ذلك كثير. ويعتبر المؤلف يوم18/2/1430ه أحد الأيام المجيدة لوطننا، فهو يوم تحول تاريخي مفصلي – على حد تعبيره – لأن التغييرات التي أحدثها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فيه،كانت تغييرات في الفكر والمنهج من أجل تحقيق التنمية والإصلاح المتوازن. ولو تأخر صدور الكتاب لأضاف المؤلف أمر المليك حفظه الله– الأسبوع الماضي – بعضوية المرأة في مجلس الشورى، وحق الترشح للمجالس البلدية. وفي الكتاب نماذج نفخر بها من المخترعين والمتفوقين في المجالات المختلفة، وأمثلة مضيئة للمشروعات والإبداعات التي تحققت بأرضنا الحبيبة المعطاء. يقع الكتاب في 323 صفحة متوسطة.