أنا أقفُ متسمّرةً أمام هذه الورقة البيضاء، أشحذُ خيالاً أملأُ فيه هذا البياض، وأطلب من الله أن يبعد عنى تلك اللحظات المؤلمة، التي مرّت علينا في شهر رمضان هذا العام، كنتُ في العمل عندما تلقيتُ اتّصالاً من أختي تخبرني أن أختي فاطمة المريضة بمرض السرطان ساءت حالتها جدًّا. بدأ ذهولي حين أخبرتني أن عليها أن تنقلها إلى أقرب مستشفى، وأنها تنزف بغزارة، وعاجلتني أنها تشعر بألم شديد في الصدر، وضيق في التنفس، وبطء في الحركة، وأنها تنتظر وصول خدمة الهلال الأحمر السعودي. هنا.. سرح خاطري وسط ألمي النفسي، تُرى هل سيستغرق وصول (الهلال الأحمر السعودي) إلى بيت أختي وقتًا طويلاً؟! لم تمضِ سوى بضع دقائق إلاَّ وقد وصل الهلال الأحمر، وقد علمنا أنه مرابط في عدة أماكن في المدن، تسانده خدمات الإسعاف الجوي السعودي في تقديم الخدمات الطبية الإسعافية داخل المدن الرئيسة، وعلى الطرق السريعة للحالات الطارئة والحرجة التي تتطلب النقل والتعامل السريع. ولم تكد تكمل حديثها معى بالهاتف، حتى كان رجال (الهلال الأحمر السعودي) قد وصلوا إلى المكان، بعددهم المهني، وعُددهم المتطورة، ثم شرعوا في اتّخاذ كل ما تمليه مهنة الإسعاف من إجراءات، من قياس نبض القلب، وضغط الدم، وغير ذلك من (بديهيات) التشخيص، وثبّتوا على الجزء الأعلى من جسد أختي المريضة أسلاكًا متصلة بجهاز متطوّر لتخطيط القلب، وبقوا على هذا الحالة متواصلين مع المستشفى طوال نقل المريضة، واطمأنوا على استقرار حالتها. كان عدد المسعفين ينتمون إلى تخصصات إسعافية مختلفة، ويشرف عليهم طبيب قلب (كارديو لوجست) وقد أتمّوا عملياتهم الإسعافية في زمن قياسي، وبحرفية عالية، وهم يتمنون لفاطمة الشفاء، ويطلبون من الله تخفيف العناء.. وقد سجل ذهني عددًا من الملاحظات: - حمدت الله حمدًا كثيرًا أن (انتفاضة قلب أختي فاطمة) حصل لنتعرف عن قرب على خدمات الهلال الأحمر السعودي، وفهمنا من فريق الإسعاف أن خدمتهم متاحة في أماكن متفرقة في الوطن، وما على الراغب فيها سوى طلبهم على الرقم (997)! - خلال فترة مباشرة المسعفين لمهمتهم الإنسانية، لم يسألنا أحد منهم أبدًا عن أوراق المصابة، كانوا جميعًا منهمكين بروح الفريق الواحد، في علاج أختي فاطمة. وبعد.. - أفليس ما حدث معنا لإسعاف أختي فاطمة جديرًا بالتأمّل، لا في معنى مصطلح (الإسعاف)؛ لأن المسعفين من الهلال الأحمر مارسوا حِراكهم الجميل في صمت أخّاذ، فشغلونا بما فعلوا فرحًا وعرفانًا بتطورات الخدمة الإسعافية في بلادنا، وأشعلوا عقولنا بأميرنا صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي تساؤلاً وتأمّلاً عن منجزاته، فماذا يمكن أن نقول عنه، نحن المتلقين والمتأثرين بخدمة الهلال الأحمر السعودي؟!