اهتم الملك عبدالعزيز - يرحمه الله- بتأصيل المبادئ الإنسانية في نفوس أبنائه وتربيتهم على حب الناس وعشق الخير، بعد أن امتلأت به جوانحه وفاضت به نفسه الطيبة الكريمة. فقد كان جواداً كريماً أما عنايته بالفقراء والمساكين، ورأفته بالضعفاء من رعيته، فقد حكيت فيها قصصا تفوق الخيال تكشف لنا عن قلب رقيق، يفيض رحمة وشفقة وعطفاً وحناناً وحباً، فما وفد عليه قاصد، ولا زاره إنسان، من أبناء الصحراء إلى أصحاب الرئاسات والعروش من الرجال والنساء، وحتى الأطفال، إلا حباه عبدالعزيز منحة أو أهدى إليه هدية تتناسب مع صفته في المجتمع ومع حظوته لديه. فُطر ابن السعود على إكرام الضيف وهو رحب اليدين والصدر، كان الملك عبدالعزيز المؤسس للدولة السعودية لا تغمض له عين ما لم يطمئن إلى حالة شعبه ورعيته في السهول والبادية والجبال. كان كريماً إلى حد كبير في الجود والعطاء ، فهو سمح لا قيمة للمال عنده ما دام ينفق في سبيل الله وفي أوجه الخير ، وأنه ليصطحب معه دائماَ في سيارته بدرة من الريالات ، يوزعها على الفقراء في طريقه في ذهابه إلى مقر عمله الرسمي وفي عودته. قال له بعض الناس: ( إنك تعطي كثيراً لو اقتصدت ) فقال : ( إن الله عوّدني عادة أن يتفضل علي وعوّدت عباده عادة أن أوسع عليهم ، فأخاف أن أقطع عادتي فيقطع الله عادته عني ، وأنا لن أبني قصراً ، ولن أشتري مزرعة كل ما يرد أنفقه على المسلمين وهذا حق لهم ) . لم تكن الحواجز قائمة بين الملك عبدالعزيز ومواطني شعبه ، فقد أمر بوضع لوحة تنقل رسالة منه إلى شعبه في كل مناطق المملكة ونصها: ( على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا ، ولا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم ، ولا أريد أن يحملني الله وزْر ظلم أحد أو عدم نجدة مظلوم أو استخلاص حق مهضوم ألا قد بلغت اللهم فأشهد ) . العفو والكرم عفا الملك عبدالعزيز عن خصومه بل قربهم إليه ، فبعد استسلام ابن طلال و عائلة الرشيد ، عاملهم خير معاملة وقد بلغ كرمه حداً لم يبلغه أحد في وقته ولم يكن صادراً من غير حكمة . كان مخلصاً لأصدقائه وفياً ، لم يتنكر لأحد منهم وكان يتفقد أحوالهم ، وقد اسند إليهم بعض المناصب التي تتلاءم مع كفايتهم وترفع من روحهم المعنوية . هذا هو الملك عبدالعزيز الإنسان بسماته التي جعلت منه ملكاً ، إنساناً في فكره وعلمه ، خلوقاً في عمله قوياً بسيفه في الحق، كريماً في عطائه.