تلقيتُ خلال الشهر الماضي سيلاً من الرسائل المتتالية من شركات الاتصالات التي أتعامل معها تحثّني على المشاركة في مسابقاتها من أجل الفوز بسيارة فارهة.. دفعني الفضول للدخول في معترك هذه المسابقة للإجابة عن سؤال، ووجدت نفسي وقد انساقت إلى الإجابة عن كم هائل من الأسئلة المقرونة بتأكيد حصولك على الجائزة حال الإجابة عن السؤال القادم.. قابلتُ أحد الأصدقاء، وأبلغته بالموضوع، وأن مثل هذه الأسئلة الثقافية والاجتماعية والسياسية تنصب في تنمية القدرات الفكرية والذهنية للمتلقي العميل، وأنه شيء جميل أن تقوم هذه الشركة بمثل هذه الخطوة، وترصد لها جوائز كجزء من مساهمتها لخدمة عملائها، والترويج لخدماتها، واستقطاب لعملاء جدد، إذ إن الأرباح الطائلة لمثل هذه الشركات تشجعها على تقديم مثل هذه الجوائز، ولكن المفاجأة كانت أن هذا الصديق أبلغني بأن الإجابة الواحدة تكلّف خمسة ريالات! وفعلاً عند تفحصي الرسائل بإمعان تأكدتُ من هذه المعلومة، وعرفتُ أن الشاطر وقع في المصيدة، وكعادتي جلست أحسب وأكسر فلو تصوّرنا أن عدد مشتركي شركات الاتّصالات في جميع أنحاء المملكة ثلاثون مليون مشترك، وأن 10% فقط شاطرين زي صاحبكم -وإن كنت أعتقد بأن هذه نسبة متواضعة أمام الإغراءات والتمنيات التي يواجهها المغلوب على أمره- يكونون ثلاثة ملايين مشارك بعدد من الإجابات يوميًّا، ولمدة شهر، طبعًا سيكون المبلغ خياليًّا! وإذا كنتم شطّارًا احسبوها، واحسبوا قيمة ثلاثين سيارة، وشوفوا كم الفائض.. الأرباح تجيب طائرات خاصة، مو سيارت فارهة!! التفسير الطبيعي بأن هذه الشركات -وللأسف- خرجت من نطاق تقديم خدمات الاتّصال، والإنترنت، والتقنية لعملائها، والذي يُفترض بأنه مجال عملها، وفق تصاريح التشغيل التي أعطيت لها إلى مجال أرحب وأوسع.. شركات مسابقات وجوائز.. شركات أنت الفائز!! أستغربُ كيف أجازوها لأنفسهم، أو لم يداخلهم الخجل والحياء؟ وأتساءل: هل استندوا على تصريح رسمي وشرعي لإقامة مثل هذه المسابقات؟ وما هو دور هيئة الاتّصالات في الموافقة على مثل هذه الأمور؟!