لا أحد يعرف تحديدا إلى متى سوف تستمر المظاهرات المصرية في ميدان التحرير أو من سيقف وراءها بالضبط ومن يمسك بخيوطها، لكن من الواضح تماما أن هذه المظاهرات تحمل بين طياتها الكثير من المراهقة السياسية سواء من المشاركين فيها أو القائمين عليها. وأول مظاهر هذه المراهقة هي الظن أن الحل الوحيد لأي مشكلة في البلاد هو التجمع في ميدان التحرير ورفع الشعارات والتظاهر بينما يملك العمل السياسي طيفا واسعا من الخيارات الأخرى التي تستطيع إنجاز المطلوب دون التظاهر، خاصة إن كانت هذه المظاهرات قد تخرج عن سيطرة منظميها كما حدث أكثر من مرة في مظاهرات سابقة بدأت من ميدان التحرير في مصر لكنها انتهت في أماكن أخرى وبنتائج غير التي أعلنها منظمو التظاهرات. صحيح أن معظم الوجوه على الساحة السياسية المصرية لم تمارس العمل السياسي بشكل كافٍ ومن المبرر أن تكون لديها أخطاء، ولكن مرور ما يقارب ال 7 أشهر على نجاح الثورة المصرية والمجال المفتوح أمام القوى السياسية المختلفة لممارسة نشاطها كان لا بد أن يترك أثرا على الخطاب السياسي لعدة قوى جديدة في الشارع المصري، أما أن تبقى هذه القوى تردد نفس الأقاويل ونفس الشعارات بل وتزيد عليها اتهامات توزع هنا وهناك ولا تخدم مصر أو أهلها بل تزيد من مصاعب الحياة بعد الثورة، فهنا لا بد للشارع المصري من وقفة مع هذه القوى لمعرفة أهدافها أو التثبت من عدم جدواها. ليس كل شيء في العمل السياسي يتم بالمظاهرات، ولا بالتصريحات على الفضائيات أو الصحف، ولكن لابد من مخاطبة الجماهير بما تريد والبحث عن ما تحتاج والسعي إلى تحسين حياتها وتوعيتها سياسيا عبر مؤسسات ونشاطات متعددة تقود في النهاية إلى ما أرادته الجماهير التي شاركت في الثورة. فهذه الجماهير هي مصدر القوة في العمل السياسي الآن وهي التي ستعطي أو تسحب الشرعية للقوى السياسية من خلال صناديق الاقتراع وهو ما يجب أن تفكر فيه القوى السياسية المصرية.