التربية مصطلح ذو مفهوم واسع تتجلى في إطاره تعليم القيم والأخلاق وسن المبادئ الحسنة، ولا شك أن كل أب وكل أم يسعى سعيًا حثيثًا كي يغرس أرقى القيم وأنبل الأخلاق في نفوس أبنائهم وبناتهم، فالأسرة هي الحقل الأول لتلك البذرة الجديدة لكنها ليست الوحيدة، فالتربية عملية تكاملية بين عدة عوامل.. ومع تطور وتسارع وتيرة الحياة زادت تلك العوامل وأصبحت أكثر تعقيدًا من الزمن الماضي.. ففي السابق كانت الأسرة النواة هي الإطار العام لعملية التنشئة ثم يتسع الإطار ليشارك في العملية الأصدقاء والعشيرة وجماعة المسجد والمدرسة والذين كانوا في الغالب تربطهم صلة قرابة.. أما اليوم وإضافة للأسرة يشارك الفضاء في عملية التربية عبر ما يبثه من خلال التلفاز.. ونعلم يقينًا مدى خطورة بعض ما يعرض على الشاشات من مسلسلات فاضحة تدعو للانحلال وبرامج هابطة بلا قيمة إنسانية، بل مفرغة من كل القيم الحسنة.. كما تشارك الشبكة العنكبوتية في عملية التنشئة وهي إن لم يتم متابعة مستخدميها من الأبناء والبنات وإذا ما ترك الحبل لهم على قارب الحرية فسوف تكون الطامة وتكتوي الأسرة بويلات ما يشاهد فيها من محادثات مباشرة وتعامل مع أناس بثقافات مختلفة قد تعمل لليافعة عقولهم صدمة حضارية ولا يحسن التصرف والتعامل الصحيح تجاهها.. فالانترنت أشبه بالبحر الذي لا قاع له فكيف يترك الناشئ في البحر المتلاطم أمواجه؟! وما يصل عبر أجهزة الجوالات الحديثة أدهى وأمر والتي للأسف أصبحنا نراها في أيدي الناشئة بل وحتى الأطفال.. إذًا نحن أمام عملية معقدة متنوعة العوامل مختلفة المصادر والمنابع رغم تكاملية العملية.. فالتعامل مع الناشئ كي تحسن تربيته أضحى اليوم كالمشي وسط الألغام.. ويحتاج فيه المربي سواء أكان أبًا أو أمًا أو معلمًا إلى التعامل مع الناشئ بأساليب الوعود، ويحذر من استخدام الوعيد والتهديد.. فالترغيب والتشجيع أكثر جدوى من الوعيد.. أضف إلى ذلك استخدام عبارات الشكر والثناء فلها الأثر الأبرز في نفوس الناشئة فالشكر دافع للعطاء ومحفز على بذل الكثير.. كما وأنه أفلح من ابتعد عن التهديد والتذكير بعذاب النار فقد رأيت ذلك واقعًا ملموسًا، إذ يهدد الأب طفله الصغير بأن لم يفعل كذا وكذا فسوف يدخلك الله النار أو سوف تعاقب عقابًا جسديًا مؤلمًا وهذا خطأ فادح يقع فيه كثير من الآباء والأمهات حتى وإن استجاب الطفل لما يؤمر به عن الوعيد فعاقبة ذلك لا تحمد؛ لأن استجابته للأمر اتقاءً للعقوبة فقط، وذلك الأسلوب أشبة بالحشو والتعبئة ويرى بعض المختصين أن بعضًا ممن ارتد أو شاب تفكيره شيء من التشويش واختلطت عليهم الأمور وجد أنه قد مورس عليهم أسلوب الوعيد بالنار للقيام ببعض الواجبات في الصغر خاصة الدينية، والبديل لذلك التعامل بالوعد بالجنة ونعيمها وأنه سيكافأ مكافأة سخية إن هو فعل وأنه يحرم من الجنة والمكافأة إن لم يفعل، بعيدًا عن ذكر النار والعقاب خاصة في السن المبكرة وبدايات التكوين المعرفي، نسأل الله أن يعين كلَّ أبٍ وأمٍ ومعلمٍ، ونتمنى للطلاب عامًا حافلًا بالجد والكفاح وجهود مكللة بالنجاح. ياسر أحمد اليوبي - مستورة