ثمة نماذج لشخصيات نتمنى أن تشكل السواد من مجتمعنا، وأن تكون سلوكياتها وأخلاقياتها هي المنهاج الرائد الذي يقتفي أثره كل بني جلدتنا في مختلف الميادين. وثمة نماذج تشكل تهديدًا لمجتمعنا وخطرًا على حاضرنا ومستقبلنا لما يصدر عنها من سلوكيات تنخر في البنيان الاجتماعي وتكاد تأتي عليه من القواعد إذا ما أصبح ما يصدر عنها لا قدر الله هو الأصل المستساغ حين تنتكس فطرة البعض وتتلوث بالشوائب على خلاف ما فطرها الخالق عليه من نقاء وصفاء. في عالم الأزمات وحينما تكثر الصعاب تنتشر بعض السلوكيات التي لا تمت لقيمنا وتعاليم ديننا بأي صلة، فالإسلام منها براء وهو بتعاليمه يبتعد عنها بُعد المشرقين. يحلو للبعض أن يحترف التملق ويمتهن التزلف ويجعل الوصولية معراجه وسلمه للوصول إلى مآربه وأغراضه، وفي سبيل تحقيق طموحاته وأطماعه يوغل في عالم النفاق. لا أظن أن الحديث عن تلك النماذج سيكون مستغربًا للكثيرين منا ذلك أن بعض هذه السلوكيات للأسف باتت لا تكاد تخلو منها مؤسسة، صحيح أنها في كثير من الأحيان تكون فردية أو أن نسبة من يقترفونها تكون هي النسبة الأقل لكنها وبكل أسف تجد طريقها للانتشار. البعض من هؤلاء نسي أن ديننا يحض على النصح برفق، وأن كل مسؤول صالح في أي موقع يلزمه محيطًا صالحًا يقدم له الرأي الخالص لوجه الله والبعيد عن كل نوازع الأنانية والمصلحة الشخصية. وفي غمرة سعيه لتحقيق مصالحه يزين للخطأ ويتملق المسؤول ويصور له الخطأ صوابًا، والصواب خطأ. ولا شك أن مثل هؤلاء معاول هدم تشيع السلبيات وهي تحتاج إلى الضرب عليها بيد من حديد والالتفات إلى مكرها وتدليسها، وأن يعي كل مسؤول في موقعه أن صوت هؤلاء هو صوت الشيطان الذي يتزين بثياب الواعظ ويتقمص دور الداعية وهو في حقيقته نذير شؤم وداعية إلى التهلكة والخراب. وفي معظم الأحوال نجد هؤلاء لا يعرفون للصداقة معنى ولا للأخلاق مكانًا في حياتهم. فقد تجد أحدهم يقلب ظهر المجن لصديق لطالما كان له الساعد الضارب في بحر الحياة ومواجه تياراتها العاتية، وبدلًا من أن يتذكر ذلك الصنيع، ويحفظ هذا الجميل نراه يتنكر لصديقه، ويطعن في زميله من أجل لعاعة أو عرض من أعراض الدنيا. نتمنى أن تختفي تلك النماذج من واقعنا وتتوارى وتذوي، وأن تكثر بيننا النماذج القدوة التي على أخلاقها وأكتافها تنهض المجتمعات وتبنى الحضارات.