جامعة بيشة تدخل لأول مرة تصنيف التايمز الآسيوي 2025    استشهاد عشرة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    رياح سطحية تحد من مدى الرؤية الأفقية على أجزاء من عدة مناطق بالمملكة    أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة الخامسة والخمسين من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    رالي جميل 2025 ينطلق رسمياً من الأردن    1024 فعالية في مهرجان الشارقة القرائي    ختام مسابقة القرآن الوزارية بالمسجد الحرام    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    الشرع: لا تهديد من أراضينا وواشنطن مطالبة برفع العقوبات    خارطة طموحة للاستدامة.."أرامكو": صفقات محلية وعالمية في صناعة وتسويق الطاقة    أعادت الإثارة إلى منافسات الجولف العالمي: أرامكو.. شراكة إستراتيجية مع فريق آستون مارتن للسباقات    ولي العهد وملك الأردن يناقشان مستجدات أوضاع المنطقة    في ختام الجولة 29 من دوري روشن.. القادسية يرفض الخسارة.. والأخدود يتقدم    مؤشرات وأسواق    الرجيب يحتفل بزواج «إبراهيم وعبدالعزيز»    المالكي يحصد الماجستير    تكريم متقاعدي المختبر في جدة    الجدعان مؤكداً خلال "الطاولة المستديرة" بواشنطن: المملكة بيئة محفزة للمستثمرين وشراكة القطاع الخاص    ملك الأردن يصل جدة    جامعة الفيصل تحتفي بتخريج طلاب "الدراسات العليا"    ناقش مع الدوسري تعزيز الخطاب الإعلامي المسؤول .. أمير المدينة: مهتمون بتبني مشاريع إعلامية تنموية تبرز تطور المنطقة    فصول مبكرة من الثقافة والترفيه.. قصة راديو وتلفزيون أرامكو    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    منصة توفّر خدمات الإبلاغ عن الأوقاف المجهولة والنظار المخالفين    واردات البولي إيثيلين السعودية تحافظ على قوتها في أسواق آسيا    إيران تندد بالعقوبات الأميركية قبيل جولة المحادثات الثالثة    كشمير: هجوم مسلح على سياح يردي 26 قتيلاً    الرياض تستضيف أعمال مسارات خفض الانبعاثات الكربونية في الصناعات البترولية    جائزة محمد بن صالح بن سلطان تنظم ملتقى خدمات ذوي الإعاقة    غرامة (50,000) ريال والسجن للمتأخرين عن الإبلاغ عمن انتهت تأشيرتهم    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    منجزاتنا ضد النسيان    في ذكرى العام التاسع للرؤية    من يلو إلى روشن.. نيوم يكتب التاريخ    انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة    «الأدب» تدشن جناح الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الجائزة تحمل رسالة عظيمة    حماية العلامات التجارية في السعودية    الدمام تستضيف تصفيات غرب آسيا لكرة الطاولة    كأس الاتحاد للكرة الطائرة.. النصر يواجه الاتحاد .. والهلال يقابل الفائز من الابتسام والصفا    تَذكُّرُ النِّعم    لا مواقع لأئمة الحرمين والخطباء في التواصل الاجتماعي    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    4 ملايين ريال لتمويل 82 علامة سعودية    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    2.02 تريليون ريال قيمة صفقات التركزات الاقتصادية    "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح        كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    محافظ الطائف يستقبل مدير عام هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرية لا تُستعبد
نشر في المدينة يوم 16 - 09 - 2011

هل يستطيع أعتى الطغاة أن يسجن نسمات الريح؟! وهل تعلمون لماذا لا يستطيع؟ لأن النسمات لن تستحقَّ أن تكون نسماتٍ وأن تجري مع طائفة الرياح؛ إلا بانطلاقتها الحرة في فسحة الفضاء الواسع كله، تفعل فيه ما تشاء: تذهب وتجيء، وتلف وتدور، وتصعد وتنزل! فإذا عجز أعتى الطغاة عن حبس هذه النسمات، وهي مجرّد نسمات، فليعلم أنه عن كبت الحرية أعجز؛ لأن جنون استبداده ما عجز هذا العجز الكامل أمام نسمة الهواء الحرة؛ إلا لأن الحرية لا تُستعبد.
أما إذا عصفت رياح ثورة الكرامة، وضاقت بها الأرجاء، تتزاحم مع مناكب الجبال، وتسلخ أديم الأرض، فقد زعزعت للطغاة أركان إيوانهم، وأطفأت نار معابدهم، وناحت فيهم نواحَها المفزع، الذي يبعث للطغاة كوابيسَ اليقظة، تتراءى لهم منذ عادٍ وإرم ذات العماد إلى اليوم، تنذرهم بأيام نحس مستمر. وحينها لن تجد الطغاة إلا وراء قضبان حراسهم، وبين جدران عساكرهم، ينظرون إلى رياح الكرامة إلى خصمهم اللدود حرًا طليقًا! فمن سيكون حينها هو المسجون؟! ومن هو الحر؟!
وهل أنصتَّم يومًا إلى نغمات البراري؟ تذكّروا تلك النغمات المتداخلة فيها! فهل يستطيع أشد المستبدّين أن يكتم صوت تلك البريّة؟! هل يستطيع أن يمنع التناغم الدائم بين رَقراق ماء واديها، وحفيف أشجارها، وصدح طيورها؟! فإن لم يعجبه هذا التمازج بين أصواتها، وظن أنه يمكنه أن يمارس استبداده عليها، فليسكت صوت البريّة! إذن فسوف تكسر البريةُ أنف استبداده؛ لأن البرية هي الحرية التي تُرغم بكبريائها أنوف كل المستبدين، وستبقى نغماتها تذله بعجزه أمام حريتها.
وهل يستطيع جلادو الظلمة وجلاوزة الأنظمة المستعبدة أن يمنعوا صراخ الأم الثكلى المفجوعة على ابنها الذي سفكوا على صدرها دمه، وأحرقوا كبدها عليه؟! قد يستطيعون قطع لسانها، لكنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا أنحاء السماء مع أقطار الأرض من أن تضج بصراخ تَوَجُّعِها على فلذة كبدها المسفوح دمه تحت ظل سماء الحرية وفي فضاء أرض الحرية، لن يستطيعوا أن يحبسوا ذبذبات صوتها الرفيع من أن تنطلق بحرية! لأنها ستجد كل أحرار الطبيعة يحملون صرختها، يتمسحون ببركة مظلمتها الطاهرة. نعم.. ستجد الفضاء كله، برياحه التي تجوب آفاقه، والأرض كلها، بفسحاتها الواسعة التي تحرّر المسجون وتطلق القيود، كلها تساند صرختها، وتردّد أصداءها، وتخلّدها في مخزن أثيرها؛ لتشق بها الأسماع الصم، وتصدع القلوب الغُلْف، وتفجر من الضمير ينبوعًا طاهرًا.. يسمونه الدموع.
قد يستطيع هؤلاء أن يمنعوا وسائل الاتصال الأرضية، قد يقطعوا (الانترنت)، قد يحجبوا مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة الدولية؛ لكنهم يقفون في أحقر عجزٍ، من أن يمنعوا وسائل الاتصال السماوية، لن يستطيعوا (وهم يعلمون) أن مواقع التواصل الإلهية لا يحجبها عن المظلومين شيء! هم يعلمون أن تلك الأم الثكلى مازال تواصل قلبها بربها، ترفع إليه تظلمات تدكّ الجبال وتزلزل القفار، ومع ذلك يقفون حقراء صاغرين أمامها، لا يستطيعون أن يمنعوا أنينَ شكواها ولا همسات نجواها مع ربها. وسينتصر الإلهُ الذي خَلَقنا أحرارا، وامتنّ علينا بنعمة الحرية، ممن أراد أن ينازعه في سلطانه، ويحرمنا من هباته، فيسلبنا هبة الحرية الربانية.
هل يستطيع الطاغية السفاح أن يحول دون أن تُسطر دموعُ المظلومين صفحات تاريخه الأسود على خدود أصحاب الأخدود؟! إن كان يظن نفسه لن يعجز عن إسكات الخطب الصادقة وعن كسر الأقلام الشريفة، إن كان يحسب الطغيان يستطيع أن يقف في وجه الحرية، فليمنع الدمعة من أن تجري على وجوه المظلومين! إنها قطرة ماء!! قطرة ماء فقط!! ويعجز عن حبسها!! فهي في كبريائها قد حطمت كبرياءه، وفي طهرها قد حقّرَت نجاسته، وفي فصاحتها قد أخرست خطباء الزور لديه، وفي شرفها فضحت دناءةَ أقلامٍ في مخدعه قد وُلدت من سِفاح!! إن دموع المظلومين وحدها قد أسقطت النظام المستبدّ، وأظهرت عجزه عن أن يحارب الحرية.
إن من يريد أن يسجن الحرية لا بد أن يعجز، لكنه لن ينتبه إلى عجزه؛ إلا بعد فوات الأوان ؛ لأنه سيجد نفسه هو المسجون، وسيجدها هي (كما لا بد أن تكون): حرة طليقة. وهكذا حال كل من أراد مناقضة طبيعة الأشياء: فمن أراد أن يهين الكرامة: سيكون بمجرد تفكيره بذلك هو المهان، وستبقى الكرامة كرامة. ومن أراد أن يدنس رداء الشرف: سيكون هو الدَّنِس، ولن يلحق ذيولَ ردائه، وستكون أبعد عنه من ذيول الشُّهب العابرة في السماء. ومن أراد أن يكسر الإرادة، بتأليه نفسه واستعباد المسلمين، سيجد إرادته قد ذابت أمام أشعة شمس الحرية. فهو بسماجة فكرته وبرودتها في محاولة كسر الإرادة كتمثالٍ من ثلج، بين يدي فأس تحطمت به من قبل أوثانُ الشرك الصخرية، منذ زمن من سمانا بالمسلمين: إبراهيم الخليل (عليه السلام)، فستذيب الشمسُ هذا الوثنَ الثلجيَّ السمجَ البارد، أو ستحطمه فأسُ الإرادة الحقة، إرادة الحرية.
لا أدري كيف يفكر هؤلاء؟!! لكنهم تلامذة إبليس: يعرف مصيره، لكنه رضي بلعنة الخلود، وذل المطرود، وسَوءة الرجيم؛ ما دامت ستمدُّ أجلَه، وستمكنه من تَرصُّدِه الجبان ببني آدم، حتى حين!!
إن الحرية لا تُستعبد، فإذا انتفض الأحرار، فقد انكسرت كل أغلال العبودية، وتبدّدت كل أحلام الطغاة، وانقلبت عليهم.
• عضو مجلس الشورى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.