نشرت جريدتنا الغرّاء المدينة في عددها الصادر يوم الجمعة الرابع من شهر شوال 1432ه في صدر صفحتها الأولى صورة جميلة ومعبرة كُتب عليها «بحر جدة يرطب أجواء الأسر قبل الدوام والدراسة»، وإذا أمعنا النظر في الصورة وبدون شرح نلاحظ أن الموجود فيها هم: بشر، وبحر، ومساكن، ولكن إذا أردنا شرح ما هو موجود بالصورة، نجد أن هناك خليطا من البشر: رجالا ونساء كبارًا وصغارًا ومن فئات مختلفة بعضهم من أهالي جدة والبعض الآخر من زوارها ومحبيها الذين وفدوا من داخل المملكة وخارجها ليستمتعوا بقضاء أجمل الأوقات على شواطئ عروس البحر الأحمر. أما البحر فهو رئة جدة التنفسية والذي يستمتع الجميع بوجوده ويهرع إليه معظم سكانها عندما يشعرون بالضجر أو الملل من ضغوط الحياة اليومية في هذه المدينة المزدحمة دائمًا في شوارعها، وأسواقها، ومناحي حياتها المختلفة، ولينعموا بلحظة راحة واستجمام على شاطئه فيستنشقوا فيه الهواء النظيف الخالي من التلوث وبعيدًا عن صخب المدينة المزعج. وكما ورد في التقرير المصاحب للصور في الصفحة الرابعة من نفس العدد، أن سكان العروس يتذمرون من التلوث الواضح للمياه التي يسبحون فيها هم وأطفالهم، وأن هذه الأماكن غير صالحة للسباحة لكثرة ما يصل إليها من مياه صرف ملوثة والتي تضخ إلى البحر مباشرة من المباني السكنية المتاخمة للشاطئ، أو كمياه جوفية ملوثة منقولة من مناطق بعيدة وتصب في البحر مباشرة. بحرنا يئن من كثرة المخالفات البيئية والتلوث الواضح الذي بدأ يظهر على معظم أجزائه، كورنيش جدة جميل ورائع، طوله أكثر من (70 كيلًا)، ولكن مناطق السباحة فيه محدودة جدًّا، ولو وجدت لا تخلو من التلوث، أو عوائق بحرية أخرى. إذن: أين يذهب الناس ليمارسوا هواية السباحة والاستمتاع بالبحر في أوقات أعيادهم وغيرها؟! كيف نؤمن لأبنائنا الصغار والكبار بيئة بحرية نظيفة خالية من التلوث؟ هل يكتفي الناس بالنظر للبحر دون الوصول إليه؟ هل نحرم من البحر لأنه موبوء وأن هناك جهات قصرت في وقف الضرر والفساد الذي لحق بهذا الخضم العظيم؟! إلى متى يستمر هذا العبث بشواطئنا الجميلة دون اتخاذ أي إجراء صارم تجاه المقصرين مع بيئتنا الحية؟ لقد أظهرت لنا صور التقرير براءة الأطفال في اللهو واللعب في البحر، واستمتاع الكبار رجالًا ونساء وهم يشاركون أبناءهم الخوض أو السباحة في عرض البحر، وقد أكد هذا الاستمتاع، الجمع الغفير الواقف على الشاطئ، والذي أظهر بقايا الأسر والأهالي الذين اكتفوا بالنظر إلى هذه التظاهرة المائية الممتعة لأبنائهم وأقربائهم وهم يمرحون ويسبحون ويستمتعون بالأجواء الدافئة لمياه البحر وبأجواء جدة في العيد السعيد. بعد الإطلاع على هذه الصور الجميلة التي التقطها الزميل إبراهيم عسيري وكتب تقريرها المفعم بمرئيات الناس الزميل أحمد الجهني، والذي أوضح فيه، عدم رضا الناس عن أوضاع البحر الأحمر، لهي أبلغ رسالة للجهات ذات العلاقة بشؤون البيئة وعلى رأسها أمانة محافظة جدة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وجرس إنذار لجميع المهتمين بالقضايا البيئية، ومدعاة للتحرك السريع لحماية شواطئنا من هذا التلوث الذي بات يقلق بال الجميع، ويزداد شره يوما بعد يوم، كما يجب أن تتخذ التدابير اللازمة والعاجلة المهتمة بخدمات المواطنين (خاصة الترفيهية)، والحرص على سلامتهم في تحديد المواقع الصالحة بيئيًّا (على طول الشاطئ) وتهيئتها حتى تصبح أماكن صالحة للسباحة والتنزه بعيدا عن أخطار الملوثات وأضرارها، كما نطالب سلاح الحدود في تحديد مواقع ومساحات ملائمة للسباحة على طول الكورنيش، بحيث تكون آمنة للجميع وتحت إشراف مباشر منهم، حتى يستمتع الجميع بنظافة شواطئنا، وسلامة المستخدمين لها. .